| ||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||
مقابلات | ||||||||||||||||||||||||||||
|
جعجع: الطريق إلى قصرِ بعبدا لا تمرّ في حارةِ حريك والدخول اليه لا يكون من بوابةِ عينِ التينة
الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 4392 | 02-09-2024 |
08:19
أكد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “مِحورَ الممانعةِ يزُجُّ بلبنانَ في حربٍ عبثيّةٍ لا أُفُقَ لها. وهي حربٌ يرفُضُها اللبنانيونَ وفُرِضتْ عليهِمْ فرْضاً، ولا تَمَتُّ إِلى قضاياهُمْ ومصالِحِهم بِصِلَة ولا تخدُمُ إِلا مشاريعَ وُمخططاتٍ خارجيّة”، مشيراً إلى أن “هذه الحربَ التي انخرطَ فيها “الحزب” يجب أن تتوقَّفَ قبلَ أَنْ تتحوّلَ إلى حربٍ كبيرٍة لا تُبقي ولا تَذَرُ”. وسأل: “كيف يسمحُ “الحزب” لنفسِهِ بأخذِ اللبنانيين إلى حيثُ لا يريدون وإلى حيثُ يريدُ هو فقط وبِما يخدُمُ مشروعَهُ وارتباطاتِهِ. مَنْ أَجازَ لـ”الحزب” واعطاهُ التفويضَ لِأَنْ يُصادِرَ قرارَ اللبنانيينَ وحُريَّتَهُمْ ويحتَكِرَ قرارَ الحربِ والسِلمِ، وكأنَّ لا دولةَ ولا حكومةَ ولا سُلطةَ ولا مؤسساتٍ ولا شُركاءَ له في البلدِ، ولا شعبَ حتى”.
وأعلن أنه “إِذا كانَ البعضُ يريدُ تعديلَ الدستورِ فَلا مانِعَ لَدَينا. فلننتَخِبْ رئيساً للجمهوريةِ أولاً، وتِبعاً للدستورِ، وبعدَها نحنُ جاهزونَ، لا بلْ ندعُو، لِطاولةِ حوارٍ وطنيّةٍ فِعليّةٍ في قصرِ بعبدا حيث نطرحُ كلَّ شُؤونِنا وشُجونِنا الوطنيَّةِ، يتركّزُ النِّقاشُ فيها على عُنوانٍ أوحد: أيُّ لبنانَ نريد؟ ونتّفقُ على أنَّنا لنْ نخرُجَ منْ هذا الحِوارِ كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فِيما البلدُ يُواصِلُ انهيارَهُ، ومؤسساتُهُ تتآكلُ، وشعبُهُ يموتُ ويُهاجِرُ”، مشدداً على أنه “حانَ الوقتُ لِأنْ نحسِمَ النِقاشَ حولَ الأمورِ الخِلافيةِ الأساسِيّة التي تمنَعُ قِيامَ دولةٍ فِعليّةٍ وتُبْقِي لبنانَ ساحةَ فوضى وفَسادٍ وعدَمِ استقرار”. وأوضح جعجع أنه “إذا كانَ البعضُ يعتقدُ بِأنّهُ في نِهايةِ الحربِ التي نمُرُّ بِها، وَمَهْما كانتْ نتائجُها، فإنَّ المجموعةَ الدوليّةَ كما العربيةَ ستفاوضُ مِحورَ المُمانعةِ بِخُصوصِ مُستقبَلِ لبنانَ لأنَّهُ الفريقُ المدجّجُ بالسلاحِ، فهْوَ مخطىءٌ. لأنَّ أحداً لنْ يقبَلَ بأنْ يَعوُدَ الوضعُ في لبنانَ الى ما كانَ عليهِ قبْلَ الحربِ وَأَنْ تَسْتَمِرَّ الدولةُ في فُقدانِ قرارِها وتفكُّكِها. أَلجميعُ في اليومِ التالي للحربِ سيتفاوَضُونَ معَ من يملِكُ مفاتيحَ اليومِ التالي، مفاتيحَ المستقبلِ، معْ مَنْ يملِكُ الرُّؤيا والخِّطَّةَ والإِصلاح،َ لا مع الذي لا رؤيةَ لهُ إلاّ الحربُ، ولا إِصلاحَ لديه إلاّ التجاراتُ الممنوعةُ والاقتصادُ الرديفُ”. وشدد على أن “اليومَ التالي في لبنانَ هُوَ لنا، “بكرا إلنا” ليسَ لسببٍ سِوى لأنَّنا أولادُ الغدِ، نحمِلُ لُغَتَهُ ومفاهيمَهُ وخُطَطَهُ وبرامِجَهُ منذُ الآنَ، مُتَحَلّينَ بِكُلِّ ما يلزمُ مِنْ أخلاقٍ واستِقامَةٍ وشفافيَّةٍ ومعرِفةٍ بالشيءِ تمَكّنُنا مِنْ أَنْ نصنعَ الغدَ. أمّا مِحورُ الممانعةِ وحُلفاؤُهُ، فرَأينا ما كانتْ نتيجةُ تحكُّمِهِ بِزِمامِ الأُمورِ، وهُوَ لا يصلُحُ إِطلاقاً ، لا هُوَ ولا حلفاؤُهُ، لليومِ التالي، ولا يتوقَّعَنَّ أحدٌ أَنْ يكونوا هُمْ عُنوانَ المرحلةِ المقبِلة”، مؤكداً أن “الجميعَ بعد نهايةِ هذه الحرب سيَرى نفسَهُ مُلزَماً بِدَعْمِ نظرتِنا لِقيامِ الدولةِ لِأنَّ الجميعَ يُريدُ استقرارَ لبنانَ، الذي يشكِّلُ ضمانةً للجميعِ في الداخل والخارج، وَلأنَّ الجمهوريَّةَ القويَّةَ وحدَها تؤمِّنُ هذا الاِستقرارَ، وْنَحْنُ بُناةُ “الجمهورية القوية”. وتوجّه لـ”الحزب” بالقول: “إنَّ سلاحَكَ لا يَحمي الطائفةَ الشيعيةَ، كما أنَّ أيَّ سلاحٍ لا يحمي طائفةً مُعيَّنَة. وإِنْ كانَ هناك من حمايةٍ فهْي حتماً في كَنْفِ الدولةِ الفعليّة العادِلة القادِرَة. فالضماناتُ من مسؤوليَّتِها، وطمْأَنَةُ بعضِنا البعضْ من مسؤوليتِنا جميعاً. إنَّ ما نريُدُه ونعمَلُ من أجلِهِ هو الغدُ لنا جميعاً كلبنانيين، فقدْ آنَ الأوانُ أنْ نخرُجَ معاً من الماضي لكي نبنيَ المستقبلَ بِناءً يجسِّدُ طُموحاتِ كُلِّ مُكوِّنٍ مِنّا بعيدا عن منطِقِ الهواجِسِ الظرفيّةِ او الوُجوديةِ. إِنَّ ملاقاةَ بعضِنا البعضَ في الوطنِ من شأنِها تبديدُ كلِّ المخاوِفِ وإِسقاطُ كلِّ الرِهاناتِ الخارجيةِ من أيِّ جهةٍ أتَتْ. إِنَّ أوَّلَ خُطوةٍ غايَةً في الإلحاحِ في الوقتِ الحاضرِ هي انتخابُ رئيسٍ للجمهورية”. واعتبر جعجع أنَّ “انتخابَ رئيسِ الجمهورية يجبْ ألّا يكونَ موضِعَ مساومةٍ بلْ يجبْ أنْ يبقى مستنِداً الى قواعدَ دستوريةٍ واضِحة لا لُبْسَ فيها ولا تخضَعُ لأيِّ اجتِهاد. وعلى الرئيس نبيه بري أنْ يدعُوَ وكما نصَّ الدستورُ إلى جلسةِ انتخابٍ مفتوحةٍ بِدَوراتٍ متتاليةٍ حتى التوصُّلِ إلى انتخابِ رئيسٍ للجمهوريّة. وَلْيَفُزْ مَنْ يفُزْ ويَلْقى التهنئةَ والمُبارَكَةَ منَ الجميعِ بدَلاً منْ أنْ نَظَلَّ في دوّامةِ التعطيلِ والدعَواتِ العقيمةِ إلى حِوارٍ، جرى ويَجري كلَّ يومٍ ومِنْ دُونِ أنْ يُؤدِّيَ إِلى أيِّ نتيجة. على الرئيس بري أنْ يفكِّرَ ويتصرّفَ من موقِعِهِ الدستوريِّ المسؤولِ كرئيسٍ لمجلسِ النوابِ وليسَ مِنْ موقِعِهِ السياسيِّ كطرَفٍ وحَليفٍ لحزبٍ لديهِ حساباتٌ ابعدُ مِنْ رئاسةِ الجمهوريّةِ وأبْعَدُ مِنْ لبنانَ حتَّى”. وأوضح أننا “لنْ نقبلَ وتحتَ ايِّ ظرفٍ من الظروف بأنْ يَفْرِضَ فريقٌ لبنانيٌّ موقِفَهُ ومرشَّحَهُ على كُلِّ الآخرينَ، وأَنْ يَضَعَ يدَهُ على رئاسةِ الجمهوريّةِ وأَنْ يُمْعِنَ في التَّعطيلِ والتزوير. أَلطريقُ إلى قصرِ بعبدا لا تمُرُّ في حارةِ حريك، والدخولُ إلى قصرِ بعبدا لا يكونُ من بوابةِ عينِ التينة ووِفْقَ شُروطِها وحِوارِها المُفْتَعَلْ. الطريقُ الى قصرِ بعبدا تمرُّ فقطْ في ساحةِ النِّجمة ومِنْ خلِالِ صُندوقِ الاقتراع. إنَّ مسألةَ رئاسةِ الجمهوريّةِ تَعني جميعَ اللبنانيينَ والمسيحيينَ مِنْهُم بشكلٍ خاص عَمَلاً بقواعِدِ النِّظامِ. ولا يُمكنُ لأيِّ فريقٍ مهْما جبَرَ وتجبَّرَ ورفعَ الصوتَ وتوعّدَ أنْ يحتكِرَ ويتحكَّمَ وينسِفَ التوازناتِ والشراكةَ الوطنيّةَ ويَبتَدِعَ سَوابِقَ ويستحدِثَ اعرافاً تُصبِحُ اقوى من الدستورِ وفروعاً تُصبحُ هيَ الأصلَ والأساسَ”. وتابع: “يشترطون حِواراً لانتخابِ رئيسِ الجمهوريّة ويرفُضون حِواراً لإِنقاذِ الوطنِ من بَراثِنِ الحربِ وإِخراجِهِ من النَّفَقِ المُظلِمِ. عندما يعجَزون عن فرض ِمرشِّحِهِمْ والرئيسِ الذي يريدون، يطرَحونَ الحوارَ للتَّحايُل ِعلى الواقِعِ ولِيُحَقِّقُوا عن طريقِهِ ما لمْ يستطِيعوا تحقيقَهُ عن طريقِ القواعِدِ والآليّاتِ الدستوريّةِ والديمقراطيّة. وعندما يريدون التفرُّدَ بقرارِ الحربِ وسَوْقَ لبنانَ واللبنانيين إلى اتونِ حربٍ لا قدرةَ ولا طاقةَ لهُمْ علَيها، يرفُضونَ الحِوارَ ويتجاهَلُونَ الدعواتِ النيابيّةَ الملِحّةَ والمُحقّةَ لمناقشةِ الحكومةِ في مجلسِ النوابِ حولَ الحربِ. هُنا يَحضُرُني قولُ سماحةِ الإمامِ المغيّبِ ألسيِّد موسى الصدر:” أنا لا أُنْكِرُ وجودَ ظالِمٍ ومظلومٍ. ولَكِنْ لا نريدُ أنْ نُحوِّلَ المظلومَ الى ظالِمٍ، والظالِمَ الى مَظلومْ”. ودعا جعجع “اللبنانيينَ المُخلِصينَ، وهُمْ كُثُرٌ، الى المشاركةِ جميعُنا في خارِطةِ طريقٍ لوقْفِ الدَوَرانِ في هذه الحلَقَةِ الجَهَنَّمية،ِ والخروجِ مِنْها الى حلَقَةِ بناءِ وطنٍ فعليٍ بِدولةٍ فِعليَّة. إنَّ أوَّلَ خَطوةٍ على هذا الطريقِ هي تضافُرُ كلِّ النوايا الحَسَنَة الموجودَة في المجلِسِ النيابيِّ والذَّهابُ، غداً، وَبِحُكْمِ المسؤوليّةِ التي حمَّلَها الدستوُر للنُّوابِ بالذّاتِ في هذا المجالِ، أَلذَّهابُ الى المجلِسِ النيابِيِّ وانتخابُ رئيسٍ جديدٍ للبِلاد”. جعجع، وفي كلمة ألقاها عقب قداس شهداء المقاومة اللبنانيّة الذي أقيم في المقر العام لـ”القوّات اللبنانيّة” في معراب، لفت إلى ان الوضع الحالي لا يمثل الحقائق المجتمعية التاريخية للبنان، بل هو نتيجة لتراكمات سلبية على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة بفعل تسلط دولتي إيران والنظام السوري، إضافة إلى بعض المجموعات السياسية الداخلية الفاسدة. واعتبر أن هذا الواقع مصطنع وقام على وهم السيطرة والفساد، لكنه حكمًا آيل للسقوط مع سقوط العوامل التي أدت إلى قيامه. وكان جعجع قد استهل كلمته بالقول: “اليوم سأبدأ بكلمة صغيرة موجهة لعائلة الشهيد الصغيرة: والدته ووالده، زوجته وأولاده، إخوته وأخواته. صحيح أننا نركز دائمًا على القضية الكبيرة وتحدياتها وتعقيداتها وتشعباتها، ولكن لا تظنوا أنكم تغيبون عن بالنا ولو للحظة. صحيح أننا نراكم مرة في السنة، ولكن تلك المرة تبقى محفورة في قلوبنا وحاضرة في عقولنا في كل لحظة. لا تظنوا أننا لا ندرك مدى صعوبة الفراق، حتى وإن كان من أجل الدفاع عن الوجود، أو صونًا للحرية أو إيمانًا بقضية مهما كانت سامية. ولكن الفراق يبقى فراقًا”. وتابع: “نحن جميعًا نقدّر ما عانيتموه وما زلتم تعانونه بسبب فقدان أحباء لكم. نحن جميعًا ننحني أمام وجعكم وآلامكم وتضحياتكم. النقطة الأساسية التي تعزّينا في هذا الصدد هي أن أبناءكم ما زالوا أحياء، حتى وإن لم تروهم وتلمسوهم كل يوم، فإنهم ما زالوا أحياء لأن قضيتهم ما زالت حية. لأن القضية التي استشهدوا من أجلها ما زالت حية، ولأن رفاقهم ورفيقاتهم اجتمعوا ليحملوا الشعلة من بعدهم ويواصلوا النضال والكفاح حتى الاستشهاد للوصول إلى الهدف الذي من أجله استشهد أحباؤكم. الفراق صعب، ولكنه يصبح مفهومًا عندما يرتبط بمسيرة الأبرار والقديسين على هذه الأرض”. وتوجّه خلال كلمته إلى باسكال سليمان، وقال: “رفيقي باسكال سليمان، لا أستطيع أن أنسى ذلك اليوم الأحد 7 نيسان 2024. كنت في بشري، فجاءني خبر اختطافك. تحركت على الفور وذهبت إلى مقر منسقية “القوات” في مستيتا بجبيل. عند وصولي، فوجئت بأن جميع رفاقك كانوا هناك. ليس فقط رفاقك من جبيل، بل من جميع مناطق لبنان، من عكار إلى بنت جبيل، ومن بيروت إلى القاع. ملأوا الساحات والشوارع، والسيارات لم تعد تستطيع الوصول. هذا نحن يا باسكال، هذه هي القوات اللبنانية: عاصفة من البطولة تهبّ كلما دق الخطر، ولن تهدأ قبل معرفة الحقيقة وإحقاق الحق. هذا فصل جديد من فصول المقاومة اللبنانية كما عرفناها منذ 50 عامًا، منذ 100 عام، منذ 200 عام وعبر العصور، وكما سنعرفها كل يوم وبعد مئات السنين”. وتابع: “هذا العام لم ينضم باسكال إليكم فحسب، بل رفيقنا سليمان سركيس أيضًا. شاب في مقتبل عمره، عريس جديد، استشهد غدرًا ضحية حقد أعمى بينما كان يفتح محله في شكا، ليس لسبب سوى لأنه ابن أحد مناضلي “القوات” في شكا، فارس سركيس. على كل حال، البطولة والشهادة ليست جديدة على شكا أبدًا”. وقال “إنني لا أستطيع أن أنسى في تموز 1976، عندما احتلت مجموعات مسلحة غريبة معظم أحياء شكا، كيف بقيت ثلاث فتيات، ليانتين وهند ونساريا، في موقعهن في دير الرهبان، بينما كان المسلحون يحاصرونهن من الجهات كلها. بقين في موقعهن ورفضن تركه، رغم كل النداءات التي وجهت إليهن، وصمدن حتى شُنَّ الهجوم المضاد وتحررت شكا وتحررت معها المنطقة بأكملها. رفيقي سليمان، هذه هي شكا، هذا نحن، هذه هي “القوات”. وشدد جعجع على أننا “إن ننسى لن ننسى شهيدنا المثال والرمز الياس الحصروني، الذي رغم أنه ليس بيننا جسدًا، إلا أنه يبقى بيننا روحًا، طيفه حاضر بيننا في كل ساعة وكل وقت، ذكراه، بطولته، شهامته، التزامه بشعبه وقضيته حتى الاستشهاد. الياس الحصروني سيبقى معنا دائمًا”. وتوجّه إلى عين إبل وأهلها، قائلاً: “أما أنتِ يا عين إبل، فقد كنتِ وستظلين منبعًا للبطولة. تحية كبيرة لأهالي عين إبل، وأيضًا لأهالي رميش ودبل والقوزح وعلما الشعب وقرى مرجعيون حاصبيا وكل قرى الجنوب الصامدة الصابرة في وجه كل ما يحدث في الوقت الحاضر. تحية لهذا الشعب المقاوم الذي يتمسك بأرضه رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها، لا دولة مسؤولة عنه، ولا يعلم من يتخذ القرار عنه، ولا يعرف ما يخبئ له الغد. رغم كل هذا الواقع، متمسك بأرضه، بقراه، يحمل صليبه ويواصل طريقه بإيمان كامل بمستقبله. هذا هو شعبنا المقاوم، هذا نحن، هذه هي المقاومة اللبنانية الحقيقية. ولذلك، المستقبل لنا!”. وأوضح جعجع أنه “عندما لا يرى أحدُنا شيئاً في الأفق، فهذا لا يعني أنَّهُ لا يوجدُ شيءٌ في الأفُقْ. صحيحٌ انَّ الدنيا في الوقتِ الحاضرِ كلُّها سوادٌ ، فنحنُ صراحةً نواجهُ واحداً من أصعبِ واخطرِ الأوضاعِ التي مرَرْنا بِها في تاريخِنا”، معتبراً أننا “نتعرّضُ حالياً لأسوأِ وأبشعِ خِطةٍ ومحاولةٍ لترويضِنا وتركيعِنا وإنهاكِنا وإفراغِ وجودِنا من مضمونِهِ وتغييرِ وجهِهِ ووِجهتِه، وشلِّ دولتِنا وتخريبِ مؤسساتِها. ردَّةُ فِعلِنا الأُولى والاساسية وبعدَ إِدراكِنا لِما يُخطَّطُ لَنا، هي انْ نكونَ أكثرَ صلابةً من أيِّ وقتٍ مضى، أكثرَ تصميماً من أيِّ وقتٍ مضى، أكثرَ نشاطاً من أيِّ وقتٍ مضى وأكثرَ عطاءً لنقضيَ على هذا السوادِ، متذكّرينَ دائماً بأنَّ النورَ على صِغَرِهِ ونعومتِهِ يبدِّدُ العتمةَ بلمحِ البصرِ ويقتلِعُها من جذورِها”. وشدد جعجع على ألا “يعتقدِنَّ أحدٌ بأنَّ الأمورَ في لبنانَ انتهتْ الى ما نحنُ فيهِ في الوقتِ الحاضِرِ وبِأنَّهُ حُكِمَ علينا أَنْ نعيشَ الوضعَ الحاليَّ إِلى ما لا نهاية. إِنَّ الوضعَ الذي نحنُ فيهِ في الوقتِ الحاضرِ لا يعبِّرُ إِطلاقاً عنِ الحقائِقِ المُجتَمَعِيَّةِ التاريخيَّةِ الفِعليَّة للُبنانَ، بلْ هوَ نتاجُ تراكُماتٍ سلبيةٍ على مدى السنواتِ الثلاثينَ الأخيرةِ من تاريخِنا، بِفِعْلِ عهدِ الوصايةِ بالدَّرَجةِ الأُولى، وبِفِعلِ تسلُّطِ دولتينِ، إيرانُ والنظامُ السوريُّ، على أمورِ وشُؤونِ لبنانَ واللبنانيينَ بالدرَجةِ الثانية وحتّى الساعةِ، وبِفِعلِ انجِرارِ بعضِ الداخلِ اللبنانيِّ مع المِحورِ التوسُّعيِّ الممانِعِ الذي اجتاحَ المِنطقةَ بِأكملِها في العقودِ الأخيرةِ، وبفِعلِ بعضِ المجموعاتِ السياسيَّةِ الداخليَّةِ الفاسدَة، المتواطِئَة، والتي لم يكُنْ همُّها في كلِّ المراحلِ السابِقة، وحتَّى يومِنا هذا سوى مواقعَها ومصالحَها الشخصيّة والحزبية”. وتابع: “الواقعُ الذي نعيشُ في الوقتِ الحاضرِ واقعٌ اصطناعيٌّ مغشوشٌ قامَ على وهمِ سيطَرَةٍ مفترَضَةٍ من قِبَلِ مِحْوَرِ الممانعَة المحليِّ بمساندةٍ ومساعدةٍ عسكريةٍ وماليةٍ وسياسيةٍ لا حدودَ لها مِنْ مِحورِ الممانعة في المِنطقة. قامَ على انهزاميَةٍ وخوفٍ من مواجَهَةِ الحقيقةِ عندَ البعضْ، كما قامَ على فسادٍ ما بعدَهُ فسادٌ عندَ البعضِ الآخَر. لا يعتقدِنَّ أحدٌ بأنَّ الواقعَ الذي نعيشُهُ اليومَ يمثِّلُ حقيقةَ لبنانَ واللبنانيينَ أوْ أَنَّهُ مُقَيَّضٌ لهُ الاستمرارُ. إنّهُ واقعٌ مُصطَنَعٌ، تجمَّعَتْ عِدةُ عناصرَ خارجية ، أهمُّها إيرانية أسَدية، وداخلِيَّة، أَهمُّها التواطؤُ والفسادُ والذِمِّيَّةُ، الجُبْنُ والانهزاميةُ، أدَّتْ الى قِيامِهِ. ولكِنْ، ما قام على باطلٍ وتواطؤٍ وفسادٍ وعواملَ خارجيةٍ قاهرةٍ، آيِلٌ حُكْماً للسقوطِ معَ سقوطِ أيٍّ من العوامِلِ التي أَدّت الى قيامِهِ”. وأعلن جعجع أن “الغدُ لنا، الغدُ لنا ولكلِّ لبنانيٍّ يفكِّرُ بمَنطِقِ الغد. الغدُ لنا، لأنَّنا لا نفكِّرُ أَبداً بمنطِقِ السَّيطرة. الغدُ لنا، لأنَّنا بعيدونَ كُلَّ البُعدِ عنِ المصالحِ الشخصيَّةِ والحِزبيَّةِ الضيِّقة وعن مقايضةِ الثوابِتِ والمبادِئِ والمُسلَّماتِ بحُفْنَةٍ من المناصِبِ والدولارات. الغدُ لنا، لأنَّنا بعيدونَ كُلَّ البُعدِ عنْ أيِّ روحٍ انهزامِيَّةٍ مُتَلَوِّنَة مُسايِرَة. الغد لنا، لأنَّ الاستقامةَ والشفافيّةَ والنَّزاهةَ والصِّدقَ هي عنوانُ الخِدمةِ العامَّةِ بالنسبةِ لنا. الغد لنا، لأنَّنا ننطلقُ من واقِعِ لبنانَ المجتمعيِّ التاريخيِّ بشكلٍ علميٍّ للوُصولِ للتركيبةِ الفُضْلى لدولةٍ لبنانيةٍ حرةٍ سيّدةٍ مستقلةٍ بالفِعلِ، يعيشُ في ظلالِها المواطنُ اللبنانيُّ بكرامتِهِ وعِزّتِهِ بعيداً عنِ العَوَزِ والتسكُّعِ والبطالةِ والحِرمانِ. في دولةٍ تضمَنُ له حاضِرَهُ والأهَمَّ مستقبلَ أولادِهِ. دولةٌ لا توقِعُنا بِحربٍ كُلَّ بِضْعِ سنواتٍ، ولا تترُكُ ارضَنا تُستَباحُ لا مِنْ أَقرَبينَ ولا مِن أَبعَدين. دولةٌ تسيرُ فيها الأمورُ مِن دونِ تعطيلٍ ولا مقاطَعَةٍ ولا شَلَلْ. دولةٌ إِداراتُها عامِلَةٌ شغّالةٌ كُلَّ الوقتِ بعيداً عنْ أيِّ خِلافٍ في وُجُهاتِ النَّظَرِ بينَ أَركانِ السُّلطةِ. دولةٌ نقولُ، ولَكِنْ على نِطاقٍ أوسعَ مِمّا كُنّا نقولُهُ في السابِقِ: نيال مين إلو مرقد عنزة في ظلالِها”. وتوجّه للذي “يقولُ لنا: أصبحتُمْ قليلي العددِ”، بالقول: “قليلو العددِ، كثيرو الفِعلِ والإنتاجِ والخِدمةِ العامّةِ، كثيرو الإِشعاعِ في التربيةِ والتعليمِ والطِّبِّ والفنِّ والثقافةِ والحضارةِ والاِقتصادِ. معتَصِمونَ دائماً أبداً بالوُضوحِ والصلابةِ والِاندفاعِ والمُواجهةِ في سبيلِ لبنانَ ، كُلِّ لبنانْ”. وتابع: “وَلِمَنْ يقولُ أنّنا زينةُ لبنانَ ورونَقُهُ، نقولُ لا بلْ نحنُ جوهرُ وجودِهِ ورُكنُهُ وعنوانُهُ. بالإضافةِ الى كلِّ ذلك، فإِنَّ كُلَّ الأعدادِ والنِّسَبِ التي تُرمى يميناً ويساراً في بعضِ الإِعلامِ هِيَ غيرُ دقيقةٍ، عدا عنْ عامِلٍ أساسيٍّ وجوهريٍّ وهوَ أَنَّ الدُستورَ اللبنانيَّ غيرُ مبنيٍّ إِطلاقاً على العَدِّ والأرقام. إنَّ كُلَّ من يتكلَّمُ بلُغَةِ الأعدادِ، يقولُ علَناً أَنّه يريدُ تغييرَ الدستورِ”. وأعلن جعجع أنه “إِذا كانَ البعضُ يريدُ تعديلَ الدستورِ فَلا مانِعَ لَدَينا. فلننتَخِبْ رئيساً للجمهوريةِ أولاً، وتِبعاً للدستورِ، وبعدَها نحنُ جاهزونَ، لا بلْ ندعُو، لِطاولةِ حوارٍ وطنيّةٍ فِعليّةٍ في قصرِ بعبدا حيث نطرحُ كلَّ شُؤونِنا وشُجونِنا الوطنيَّةِ ، يتركّزُ النِّقاشُ فيها على عُنوانٍ أوحد: أيُّ لبنانَ نريد؟ ونتّفقُ على أنَّنا لنْ نخرُجَ منْ هذا الحِوارِ كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فِيما البلدُ يُواصِلُ انهيارَهُ، ومؤسساتُهُ تتآكلُ، وشعبُهُ يموتُ ويُهاجِرُ”، مشدداً على انه “حانَ الوقتُ لِأنْ نحسِمَ النِقاشَ حولَ الأمورِ الخِلافيةِ الأساسِيّة التي تمنَعُ قِيامَ دولةٍ فِعليّةٍ وتُبْقِي لبنانَ ساحةَ فوضى وفَسادٍ وعدَمِ استقرار”. واستطرد: “بكافةِ الأحوالِ، للذي يحاولُ تَعييرَنا بِأنّنا قليلوُ العددِ نقولُ لهُ: إنَّ الكِرامَ قليلُ، وما همَّ من كانَ قليلُهُ مثلَنَا، شبابٌ تَسامى لِلعُلا وكُهولُ”. وأوضح جعجع أنه “إذا كانَ البعضُ يعتقدُ بِأنّهُ في نِهايةِ الحربِ التي نمُرُّ بِها، وَمَهْما كانتْ نتائجُها، فإنَّ المجموعةَ الدوليّةَ كما العربيةَ ستفاوضُ مِحورَ المُمانعةِ بِخُصوصِ مُستقبَلِ لبنانَ لأنَّهُ الفريقُ المدجّجُ بالسلاحِ، فهْوَ مخطىءٌ. لأنَّ أحداً لنْ يقبَلَ بأنْ يَعوُدَ الوضعُ في لبنانَ الى ما كانَ عليهِ قبْلَ الحربِ وَأَنْ تَسْتَمِرَّ الدولةُ في فُقدانِ قرارِها وتفكُّكِها. أَلجميعُ في اليومِ التالي للحربِ سيتفاوَضُونَ معَ من يملِكُ مفاتيحَ اليومِ التالي، مفاتيحَ المستقبلِ، معْ مَنْ يملِكُ الرُّؤيا والخِّطَّةَ والإِصلاح،َ لا مع الذي لا رؤيةَ لهُ إلاّ الحربُ، ولا إِصلاحَ لديه إلاّ التجاراتُ الممنوعةُ والاقتصادُ الرديفُ”. وتابع: “لقد تعِبَ الجميعُ من الخُطابات ِالرنّانةِ والحروبِ المستمرَّةِ والتي أوصَلَتْ الى اهتراءِ الدولةِ والى فسادٍ مُستَشْرٍ، والى انهيارٍ اقتصاديٍّ لم يشهَدْ لهُ لبنانُ مثيلاً، وإِلى ضَياعِ تَعَبِ وعَرَقِ الناسِ من خلالِ ضَياعِ ودائِعِهِمْ، وإِلى فَقْرٍ وعَوَزٍ وتَعتيرٍ اجتماعِيٍّ قَلَّ نظيرُهُ سابقاً في لبنانَ، حتَّى باتَ لبنانُ يُصَنَّفُ ، في جميعِ المجالات، الآخِرَ إِذا لم يكُنِ الأخيرَ في أَسْفَلِ قائمةِ دولِ العالم مع الصومالِ وفنزويلا بعدَ أَنْ كانَ سويسرا الشرق”. ولفت إلى أن “أكثرّيَّةَ الشعبِ اللبنانيِّ كما جميعِ أصدقاِءِ لبنانَ في الشرقِ والغربِ ملُّوا ويرفُضونَ بقاءَ لبنانَ في هذه الوضعِيَّةِ التعيسةِ التي أَوْجَدَهُ فيها مِحورُ المُمانعةِ بالتواطؤِ مع بعضِ السياسيينَ أكَلَةِ الجُبْنَةِ الذين خانُوا الأمانةَ ولم يفعلوا إلاّ الاهتمامَ بمصالِحِهِم السياسيَّةِ الضيِّقة ومصالِحِهِمْ الماليَّةِ الواسِعة”. وشدد على أن “اليومَ التالي في لبنانَ هُوَ لنا، “بكرا إلنا” ليسَ لسببٍ سِوى لأنَّنا أولادُ الغدِ، نحمِلُ لُغَتَهُ ومفاهيمَهُ وخُطَطَهُ وبرامِجَهُ منذُ الآنَ، مُتَحَلّينَ بِكُلِّ ما يلزمُ مِنْ أخلاقٍ واستِقامَةٍ وشفافيَّةٍ ومعرِفةٍ بالشيءِ تمَكّنُنا مِنْ أَنْ نصنعَ الغدَ. أمّا مِحورُ الممانعةِ وحُلفاؤُهُ، فرَأينا ما كانتْ نتيجةُ تحكُّمِهِ بِزِمامِ الأُمورِ، وهُوَ لا يصلُحُ إِطلاقاً ، لا هُوَ ولا حلفاؤُهُ، لليومِ التالي، ولا يتوقَّعَنَّ أحدٌ أَنْ يكونوا هُمْ عُنوانَ المرحلةِ المقبِلة.إنَّ الجميعَ بعد نهايةِ هذه الحرب سيَرى نفسَهُ مُلزَماً بِدَعْمِ نظرتِنا لِقيامِ الدولةِ لِأنَّ الجميعَ يُريدُ استقرارَ لبنانَ، الذي يشكِّلُ ضمانةً للجميعِ في الداخل والخارج، وَلأنَّ الجمهوريَّةَ القويَّةَ وحدَها تؤمِّنُ هذا الاِستقرارَ، وْنَحْنُ بُناةُ “الجمهورية القوية”. وتطرّق جعجع إلى ما ينبغي فعله في اليوم التالي في لبنان، وقال: “أوّلُ شيءٍ يجبُ فِعلُه في اليوم التالي هو تطبيقُ الدستورِ والقوانينِ لَقِيام دولةٍ فعليةٍ ومؤسساتِها. فلا كيانَ لا تحفظُهُ دولةٌ، ولا دولةَ يمكنُ انْ تقومَ خارجَ الدستورِ والقوانينِ، وإِذا لم تفْرُضْ سَطْوَتَها على كامِلِ ترابِها وحُدودِها بِقِواها الشرعية، واذا لمْ تمتلكْ قرارَ الحربِ والسِّلم. أوَّلُ شيءٍ يجبُ أن نقومَ به في اليومِ التالي هو إعادةُ النظرِ في كلِّ شيءٍ في لبنانَ ما عدا حدودِه ووحدتِه. اليومُ التالي لا يمكنُنا الوصولُ إليه من خلالِ المجاملاتِ الساذجةِ والمجاملةِ الفارغةِ، وقولِ الأشياءِ دونَ الإشارةِ إلى شيءٍ محددٍ”. وتابع: “لقد رأينا إلى أينَ أوصلتْنا الطريقةُ اللبنانيةُ التقليديةُ في معالجةِ الأمورِ. اليومُ التالي يجبُ أن يكونَ يومَ الصراحةِ، يومَ الوضوحِ والشفافيةِ والحديثِ المباشرِ. يجبُ أن يكونَ يومَ طرحِ الحقائقِ كما هي دونَ تحريفٍ أو خبثٍ، ودونَ حديثٍ مزدوجٍ بينَ ما يُقالُ فوقَ الطاولةِ وما يُخطَّطُ له تحتَ الطاولةِ. يجبُ إعادةُ النظرِ في كلِّ شيءٍ في لبنانَ ما عدا حدودِه ووحدتِه، لأنَّنا نعيشُ منذُ 20 عامًا في جحيمٍ، أحيانًا مُعلَنٍ وأحيانًا غيرَ مُعلَنٍ. لكنَّ حتى قبلَ هذه العشرين سنة، لم نكنْ نعيشُ كما ينبغي، كلُّ عامينِ أو ثلاثةِ هزّةٍ، أو حربٍ أو أزمةٍ أو مقاطعةٍ، ودائمًا دولةٌ مشلولةٌ ومواطنٌ ضائعٌ بينَ حُبِّه لأرضِه ووطنِه وبينَ نوعيةِ حياةٍ لا تليقُ به ولا بأولادِه”. وأوضح جعجع أننا “اليومَ لا نفترضُ ولا نحلِّلُ، ولا نطرحُ نظرياتٍ. تجربةُ الخمسين سنةٍ الأخيرةِ من تاريخِنا، دونَ الذهابِ أبعدَ من ذلك، هي أكبرُ دليلٍ على الكارثيةِ بكلِّ معنى الكلمةِ. ماذا ننتظرُ بعد؟ من جَرَّبَ المُجَرَّبَ كانَ عقلُه مُخرَّبًا. وبالتالي، علينا جميعًا كلبنانيينَ البحثُ عن تركيبةٍ أخرى لدولتِنا تُخلِّصُنا من تعقيداتِ الطائفيةِ السياسيةِ، وتُتيحُ لنا أن نعيشَ في شراكةٍ حقيقيةٍ مع بعضِنا البعضِ. تركيبةٌ أخرى تُمكِّنُنا من العيشِ بكرامةٍ، بحريةٍ، في وطنٍ مُمسَكٍ بزمامِه، وليسَ في أرضٍ مُستباحةٍ، بدولةٍ كلُّ اهتمامِها واقعُ شعبِها ومستقبلُه، وليسَ دولةً مشلولةً معظمَ الوقتِ، تأخذُ ضرائبَ من الشرفاءِ من شعبِها، ولا تُقدِّمُ لهم بالمقابلِ شيئًا”. وشدد جعجع على أن “الغدُ لا يحتاجُ إلى رجالِ الأمسِ يحتاجُ إلى رجالِ الغدِ. ونحنُ وكلُّ اللبنانيينَ المخلصينَ هم رجالُ الغدِ.نحنُ مع القضيّةِ الفلسطينيّةِ ليسَ على أساسٍ دينيٍّ أو عِرقيٍّ بل على أساسِ الحقِّ والعدلِ. بالوقتِ الذي نحنُ فيهِ ضِدَّ السلاحِ الفلسطينيِّ على أرضِ لبنانَ. هذا ما أدرَكَتْهُ القيادةُ الفلسطينيةُ مشكورةً ولو بعدَ حينٍ وهذا ما يجبْ أنْ تكونَ عليهِ العلاقةُ بين الشعبينِ اللبنانيِّ والفلسطينيّ”. أما بالنسبة للقضيّة الفلسطينية وحرب عزّة، فقال: “نحنُ نتضامنُ أشدَّ التضامنِ مع الشعبِ الفلسطينيِّ ومعاناتِهِ الهائِلة في غزّة . نتضامنُ معَ الشَّعبِ الفلسطينيِّ بِما لَنا من قُدرةٍ وطاقةٍ عَلَيهِ، تضامُنٌ صادقٌ منَ القلبِ، تضامنٌ صافٍ ومباشَرٌ، ومِن دُونِ ادِّعاءاتٍ فارِغَة ولا بَهْوَراتٍ في غيرِ مَحَّلِّها، ولا استعراضاتٍ لا تُغْني ولا تُسْمِنُ، ولا على ضَهْرِ البيعةِ في سياقِ استراتيجيّاتٍ أُخرى لها أهدافٌ ومَرامٍ أُخرى”، وأكّد أن “للشعبِ الفلِسطينيِّ كُلُّ الحقِّ في أَنْ يعيشَ بسلامٍ وأَمانٍ وكرامةٍ مٍثلَ أيِّ شعبٍ في العالم. وفي أنْ تكونَ لهُ دولتُهُ المُعْتَرَفْ بِها دولياً”. وتابع: “نحنُ نتضامَنُ مع الشعبِ الفِلِسطينيِّ وقضيَّتِهِ العادِلَة التي يجب أَنْ تتضافَرَ الجُهودُ الدوليةُ والعربيةُ لإيجادِ حلٍّ شامِلٍ لها على اساسِ القراراتِ الدوليّةِ والمبادرةِ العربيةِ للسلامِ التي أُقِرَّتْ في قِمّة بيروتَ عام 2002، أي حَلُّ الدولتينِ. فَلا يُزايِدَنَّ أَحَدٌ علَينا في هذا المجالِ ولا يُحاوِلَنّ أحدٌ أَنْ يستغِلَّ القضيّةَ الفِلِسطينيّةَ لتقوِيَةِ مصالحِهِ وتعزيزِها داخلَ لبنانَ وداخلَ الإقليمِ، وللتغطية على قتاله للفلسطينيين بالذات في مخيم اليرموك وغيره لسنواتٍ خلت، أو أنْ يستخدِمَها مَطِيَّةً وأداةً لتصفيةِ حساباتِهِ السياسيّةِ في الداخلِ، ولتبريرِ خُروجِهِ المُشينِ والفاضِحِ على السُّلُطاتِ والقوانينِ والدولةِ والمبادِئِ ضارباً عرضَ الحائطِ بالمصلحةِ اللبنانيّةِ ومغامِراً بلبنانَ ودورِهِ ومستقبَلِهِ”. وشدد على أن “مِحورَ الممانعةِ يزُجُّ بلبنانَ في حربٍ عبثيّةٍ لا أُفُقَ لها. حربٌ يرفُضُها اللبنانيونَ وفُرِضتْ عليهِمْ فرْضاً، لا تَمَتُّ إِلى قضاياهُمْ ومصالِحِهم بِصِلَة ولا تخدُمُ إِلا مشاريعَ وُمخططاتٍ خارجيّة. هذه الحربُ التي انخرطَ فيها حزبُ الله يجب أن تتوقَّفَ قبلَ أَنْ تتحوّلَ إلى حربٍ كبيرٍة لا تُبقي ولا تَذَرُ… نحنُ نسألُ كيف يسمحُ حزبُ الله لنفسِهِ بأخذِ اللبنانيين إلى حيثُ لا يريدون وإلى حيثُ يريدُ هو فقط وبِما يخدُمُ مشروعَهُ وارتباطاتِهِ”، وسأل: “مَنْ أَجازَ لحِزبِ الله واعطاهُ التفويضَ لِأَنْ يُصادِرَ قرارَ اللبنانيينَ وحُريَّتَهُمْ ويحتَكِرَ قرارَ الحربِ والسِلمِ، وكأنَّ لا دولةَ ولا حكومةَ ولا سُلطةَ ولا مؤسساتٍ ولا شُركاءَ له في البلدِ، ولا شعبَ حتى. كيف يُعقَلُ أن يكونَ لبنانُ الدولةَ العربيّةَ الوحيدةَ المتورِّطة في هذه الحرب؟ لماذا لم تتحرّكْ جبَهاتُ دوَلِ الطوقِ والجِوارِ وأوَّلُها الجبهةُ السوريّة، سوريا الصمودُ والتصدي، وهي في صلبِ مِحورِ المقاومة؟ لماذا يُزَجُّ بلبنانَ وحدِهِ ويُستدرَجُ الى التدميرِ والخَرابِ وهوَ العاجِزُ عن تحمُّلِ أدنى ادنى ادنى تبِعاتِ الحربِ وفاتورتِها الباهِظةِ وهو لا يمتلِكُ الحدَّ الأدنى مِن مقوِّماتِ الصُّمودِ والمواجهة، ودولتُهُ متحلِّلة، وفي ظِلِّ فراغٍ رئاسيٍّ متمادٍ، وحكومةِ تصريف أعمالٍ، ومجلسِ نوابٍ معطَّلٌ وممنوعٌ عليهِ حتَّى انتخابُ رئيسٍ للجمهوريّة؟”. وأشار إلى أن “هذه حربٌ لا يريدُها اللبنانيونَ ولم يكنْ للحكومةِ رأيٌ فيها وكلِمة. هذه حربٌ لا تخدُمُ لبنانَ، ولمْ تُفِدْ غزّةَ ولمْ تخفِفْ من مُعاناتِها واوجاعِها قَيْدَ أُنمُلة. واحداثُ الاشهرِ العَشَرَةِ الأخيرة خيرُ دليلٍ على ذلك. ويريدونَك انْ تُصفِّقَ لهم وتشُدَّ على ايديِهِمْ وتَقبَلَ صاغِراً بما خطَّطوا لهُ ونفَّذوهُ ضاربينَ عرضَ الحائطِ بالدولةِ وسلطتِها وسيادتِها وكلِّ المواثيقِ والأعرافِ. وإِذا لم تفعَلْ تُصبِحْ خائِناً وعميلاً فِيما هُمْ يمثِّلون قِمّة العمالةِ والاِرتهانِ لِمصالحِ دولةٍ ومشروعٍ غيرِ لبنانَ”. وأكّد أنه “على مَنْ تورَّطَ في هذه الحربِ من حيثُ يدري أو لا يدري، وعلى من أخطأَ في حساباتِهِ ان تكونَ لهُ شجاعةُ الخروجِ من هذه الوَرطةِ القاتِلة، ومِن مشاريعِهِ وارتباطاتِهِ الاقليميّة. هذا امرٌ ممكِنٌ ومُتاحٌ إِنْ توافَرَتْ النيّة السياسيّةُ والحِسُّ الوطني. هذا امرٌ سهلٌ، ولا يتطلّبُ الا الالتزامَ بتنفيذِ القرار 1701 بكلِّ مندرجاتِهِ، ونشرَ الجيشِ اللبنانيِّ على طُولِ الحُدودِ الجنوبيّةِ لحِمايَتِها ، وتأمينَ سيادةِ الدولة على كاملِ أراضيها، وحصرَ قرارِ الحربِ والسِّلمِ بيدِ الحكومةِ اللبنانيّة لوحدِها”. وطالب جعجع الحكومة اللبنانية “التي هي صاحبةُ الدارِ والقرارِ، انْ تدعُوَ حزبَ الله الى وقْفِ هذه الحربِ العبثيّةِ التي لا مبرِّرَ ولا أُفُقَ لها. أَنْ يفعلَها الحزبُ متأخراً خيرٌ من انْ لا يفعلَها ابداً لأنَّ ما خسِرناهُ على فداحته قليلٌ مقارنةً بِما قدْ نخسرُهُ لاحقاً. على حزبِ الله ان يتحلَّى بشجاعةِ اتخاذِ الموقِفِ الوطنيِّ الصحيحِ لأنه لا يكفي أن يتحلَى بشجاعةِ القِتالِ فقط… أمّا إذا أَصَرَّ على الاستمرارِ في الحربِ والهروبِ إلى الأمامِ فإنَّ عليهِ أَنْ يتحمَّلَ لِوَحدِهِ العواقِبَ والمسؤوليّةَ امامَ اللهِ والوطنِ والشعبِ والتاريخ”. واعتبر أنه “إذا كان الحزبُ أخطأَ في حساباتِهِ وفي دخولِهِ الحربَ “فـالرجوعُ عن الخطأِ فضيلة”، ولكنَّ الأهمَّ عليهِ ألاّ يُخْطِئ َفي حساباتِهِ لِما بعدَ الحربِ أَيّاً تكُنْ نهايتُها ونتائجُها، للارتدادِ إلى الداخلِ ومحاولةِ فَرضِ مُعادلاتٍ معيّنةٍ وتحصيلِ مكاسِبَ والتعويضِ عن خسائِرِهِ او لترجمةِ ما يَدَّعِيهِ ويتوَهَّمُهُ انتصاراً”. وأضاف: “لا يعتقِدَنَّ أحدٌ في لبنانَ مهما بلغَ من فائِضِ قوةٍ أنَّ بإِمكانِهِ تغييرَ هويّةِ لبنانَ او المَسَّ بخصائِصِهِ وتوازناتِهِ او تزويرَ تاريخِهِ واخذَهُ الى مكانٍ آخرَ لا يشبِهُهُ وإلى دورٍ آخرَ يتعارضُ معَ دورِهِ التاريخيِّ. لبنانُ كانَ وسيبقى ارضَ الحريّةِ والكرامةِ والحضارةِ والتنوُّعِ، الملتزمَ بالقضايا العربيّةِ والمواثيقِ الدَّوليّة. لبنانُ كان وسيبقى سيداً حراً مستقِلاً وابوابُ القذائِفِ والمسيِّراتِ والصواريخِ على أنواعِها لنْ تقوى عليهِ”. وتابع: “إنَّ قراءتَنا لعناصِرِ القُوةِ الوطنيةِ تدفعُنا إِلى مُصارحةِ “حزبِ اللهِ” بأنَّ حُزنَ وألَمَ عائلاتِ شُهدائِهِمْ وَجَرحاهُمْ لا يَعني شُعورَ فرحٍ وغِبطةٍ لدينا او لدى لبنانيينَ آخرين. بلْ على العكسِ، نحنُ نحزَنُ لسقوطِ لبنانيين إِخوةٍ لنا وشُركاءَ في الوطنِ، ولِما يَحُلُّ بنا جميعاً من دمارٍ وخَراب ، ولِما يُصيبُ أهلَنا مِنْ مآسٍ وحُروبٍ حاولْنا كثيراً بِمواقِفِنا وعملِنا السياسيِّ والنيابيِّ تجنيبَهُم إِيّاها”. واستطرد: “إنَّ ما يُصيبُ أيَّ طرفٍ لبنانِيٍّ يُصيبُنا نحنُ أيضاً، ومِنْ غيرِ الصَّحيحِ أنَّنا نُراهِنُ على هذا العامِلِ أو ذاكَ الاستحقاقِ أيّاً وأنّى يكُنْ. رِهانُنا الوحيدُ كانَ وسَيبقى على أنفسِنا وَوَعْيِ اللبنانيينَ الآخرينَ. ولَنا مِثالٌ حيٌّ على ذلك في مصالحةِ الجبلِ، التي نتَمَسَّكُ بِها ونَحمِيها بِرُموشِ عُيونِنا كُلَّ الوقتِ، ونتطلَّعُ الى أنْ تكونَ مِثالاً يُحتَذَى، وكبُقعةِ الزيتِ تمتدُّ تِباعاً جَنُوباً وشَمالاً وشَرقاً لتشمُلَ كلَّ الجُغرافيا اللبنانيَّةَ قاطِبَةً”. وشدد على أن “رِهاننا أنْ نبقى موجودينَ كلُّنا، بشراكةٍ حقيقيةٍ كاملة، بتركيبةٍ للدولةِ تُحقِّقُ هذه الشراكةَ، وبعيداً عن استِئثارِ أيِّ مكوِّنٍ لبنانيٍّ بالسُّلطةِ لوحدِهِ، مِنْ خلالِ تشكيلِهِ قوةً مسلَّحةً خارجَ الدولةِ مهما كانتِ الحُجَجُ والمبرِّرات”. ولفت إلى أن “سلاحَ حزبِ الله يَمَسُّ جوهرَ التعايشِ اللُّبنانيِّ ، وجوهرَ مفهومِ الدولةِ وليسَ هناك أيُّ منطِقٍ يقبَلُ بمعادلةِ قِيامِ دولةٍ الى جانِبِ الدولةِ، ولا يُمكِنُ التعايشُ بينَهُما. فلْنَتْرُكْ للدولةِ حصريةَ السلاحِ حسَبَ القوانينِ والدستورِ ولا نعبَثْ بمستقبلِ وطنِنا خِدْمَةً لمشاريعَ إقليميّةٍ لا طائِلَ مِنْها”. وتوجّه لـ”الحزب” بالقول: “إنَّ سلاحَكَ لا يَحمي الطائفةَ الشيعيةَ، كما أنَّ أيَّ سلاحٍ لا يحمي طائفةً مُعيَّنَة. وإِنْ كانَ هناك من حمايةٍ فهْي حتماً في كَنْفِ الدولةِ الفعليّة العادِلة القادِرَة. فالضماناتُ من مسؤوليَّتِها، وطمْأَنَةُ بعضِنا البعضْ من مسؤوليتِنا جميعاً. إنَّ ما نريُدُه ونعمَلُ من أجلِهِ هو الغدُ لنا جميعاً كلبنانيين، فقدْ آنَ الأوانُ أنْ نخرُجَ معاً من الماضي لكي نبنيَ المستقبلَ بِناءً يجسِّدُ طُموحاتِ كُلِّ مُكوِّنٍ مِنّا بعيدا عن منطِقِ الهواجِسِ الظرفيّةِ او الوُجوديةِ. إِنَّ ملاقاةَ بعضِنا البعضَ في الوطنِ من شأنِها تبديدُ كلِّ المخاوِفِ وإِسقاطُ كلِّ الرِهاناتِ الخارجيةِ من أيِّ جهةٍ أتَتْ. إِنَّ أوَّلَ خُطوةٍ غايَةً في الإلحاحِ في الوقتِ الحاضرِ هي انتخابُ رئيسٍ للجمهورية”. واعتبر جعجع أنَّ “انتخابَ رئيسِ الجمهورية يجبْ ألّا يكونَ موضِعَ مساومةٍ بلْ يجبْ أنْ يبقى مستنِداً الى قواعدَ دستوريةٍ واضِحة لا لُبْسَ فيها ولا تخضَعُ لأيِّ اجتِهاد. وعلى الرئيس نبيه بري أنْ يدعُوَ وكما نصَّ الدستورُ إلى جلسةِ انتخابٍ مفتوحةٍ بِدَوراتٍ متتاليةٍ حتى التوصُّلِ إلى انتخابِ رئيسٍ للجمهوريّة. وَلْيَفُزْ مَنْ يفُزْ ويَلْقى التهنئةَ والمُبارَكَةَ منَ الجميعِ بدَلاً منْ أنْ نَظَلَّ في دوّامةِ التعطيلِ والدعَواتِ العقيمةِ إلى حِوارٍ، جرى ويَجري كلَّ يومٍ ومِنْ دُونِ أنْ يُؤدِّيَ إِلى أيِّ نتيجة. على الرئيس بري أنْ يفكِّرَ ويتصرّفَ من موقِعِهِ الدستوريِّ المسؤولِ كرئيسٍ لمجلسِ النوابِ وليسَ مِنْ موقِعِهِ السياسيِّ كطرَفٍ وحَليفٍ لحزبٍ لديهِ حساباتٌ ابعدُ مِنْ رئاسةِ الجمهوريّةِ وأبْعَدُ مِنْ لبنانَ حتَّى”. وأوضح أننا “لنْ نقبلَ وتحتَ ايِّ ظرفٍ من الظروف بأنْ يَفْرِضَ فريقٌ لبنانيٌّ موقِفَهُ ومرشَّحَهُ على كُلِّ الآخرينَ، وأَنْ يَضَعَ يدَهُ على رئاسةِ الجمهوريّةِ وأَنْ يُمْعِنَ في التَّعطيلِ والتزوير. أَلطريقُ إلى قصرِ بعبدا لا تمُرُّ في حارةِ حريك، والدخولُ إلى قصرِ بعبدا لا يكونُ من بوابةِ عينِ التينة ووِفْقَ شُروطِها وحِوارِها المُفْتَعَلْ. الطريقُ الى قصرِ بعبدا تمرُّ فقطْ في ساحةِ النِّجمة ومِنْ خلِالِ صُندوقِ الاقتراع. إنَّ مسألةَ رئاسةِ الجمهوريّةِ تَعني جميعَ اللبنانيينَ والمسيحيينَ مِنْهُم بشكلٍ خاص عَمَلاً بقواعِدِ النِّظامِ. ولا يُمكنُ لأيِّ فريقٍ مهْما جبَرَ وتجبَّرَ ورفعَ الصوتَ وتوعّدَ أنْ يحتكِرَ ويتحكَّمَ وينسِفَ التوازناتِ والشراكةَ الوطنيّةَ ويَبتَدِعَ سَوابِقَ ويستحدِثَ اعرافاً تُصبِحُ اقوى من الدستورِ وفروعاً تُصبحُ هيَ الأصلَ والأساسَ”. وتابع: “يشترطون حِواراً لانتخابِ رئيسِ الجمهوريّة ويرفُضون حِواراً لإِنقاذِ الوطنِ من بَراثِنِ الحربِ وإِخراجِهِ من النَّفَقِ المُظلِمِ. عندما يعجَزون عن فرض ِمرشِّحِهِمْ والرئيسِ الذي يريدون، يطرَحونَ الحوارَ للتَّحايُل ِعلى الواقِعِ ولِيُحَقِّقُوا عن طريقِهِ ما لمْ يستطِيعوا تحقيقَهُ عن طريقِ القواعِدِ والآليّاتِ الدستوريّةِ والديمقراطيّة. وعندما يريدون التفرُّدَ بقرارِ الحربِ وسَوْقَ لبنانَ واللبنانيين إلى اتونِ حربٍ لا قدرةَ ولا طاقةَ لهُمْ علَيها، يرفُضونَ الحِوارَ ويتجاهَلُونَ الدعواتِ النيابيّةَ الملِحّةَ والمُحقّةَ لمناقشةِ الحكومةِ في مجلسِ النوابِ حولَ الحربِ. هُنا يَحضُرُني قولُ سماحةِ الإمامِ المغيّبِ ألسيِّد موسى الصدر:” أنا لا أُنْكِرُ وجودَ ظالِمٍ ومظلومٍ. ولَكِنْ لا نريدُ أنْ نُحوِّلَ المظلومَ الى ظالِمٍ، والظالِمَ الى مَظلومْ”. وخلص جعجع إلى أنه “عندما يتحكَّمُ اللامنطِقُ واللاشراكةُ واللامُساواةُ بالعمَلِ السياسيِ في لبنانَ، وعندما يتِمُّ كلَّ يومٍ الدَوْسُ على الدستورِ وضَرْبُ عرضِ الحائِطِ بالقوانينِ والأعرافِ، تكونُ النتيجةُ كما نعيشُها اليومَ: تحلُّلٌ شِبْهُ تامٍ للدولةِ، وطنٌ مُستَباحٌ، مواطنٌ مَتروكٌ لمَصيرِهِ. وهذا ما لنْ نقبَلُ باستمرارِهِ على الإِطلاق”. ودعا جعجع “اللبنانيينَ المخلصينَ، وهُمْ كُثُرٌ، الى المشاركةِ جميعنا في خارِطةِ طريقٍ لوقْفِ الدَوَرانِ في هذه الحلَقَةِ الجَهَنَّمية،ِ والخروجِ مِنْها الى حلَقَةِ بناءِ وطنٍ فعليٍ بِدولةٍ فِعليَّة. إنَّ أوَّلَ خَطوةٍ على هذا الطريقِ هي تضافُرُ كلِّ النوايا الحَسَنَة الموجودَة في المجلِسِ النيابيِّ والذَّهابُ، غداً، وَبِحُكْمِ المسؤوليّةِ التي حمَّلَها الدستوُر للنُّوابِ بالذّاتِ في هذا المجالِ، أَلذَّهابُ الى المجلِسِ النيابِيِّ وانتخابُ رئيسٍ جديدٍ للبِلاد”. وختم جعجع كلمته بالقول: “شهداؤَنا الأبرار، رفيقاتي رفاقي، ايُّها اللبنانيون، مهما يكُنْ مِنْ أمْرٍ، فأنا كلّي إيمانٌ، لا بَلْ أَبْعَدُ منَ الإيمانِ بعدُ، بأنَّهُ، وفي نهايةِ المطافِ، لنْ تكونَ إلاّ مشيئَتُهُ، وكَما في السّماءِ كذلك على الأرضِ. هذا ليسَ مجرَّدَ دُعاءٍ، بلْ عهدٌ قطَعَهُ أسلافُنا وأجدادُنا وآباؤُنا على أنفُسِهِمْ، ونحنُ فيهِ ملتزِمونَ، مستمرّون. أَلغدُ لنا، لا نَهابُ شيئاً ولا نخافُ أحداً. وكُلَّما اشتدَّتِ الصِّعابُ علَينا، اشتدَّتْ عزائِمُنَا أكثَرَ فَأَكْثَرْ. وإِن كانَ في الليلةِ الظلماءُ يُفْتَقَدُ البدرُ، فنحنُ في الأيامِ السودِ، لا نفتقِدُ الرجالَ ابداً ، أبداً، أبداً. كُنَّا وَسَنَبْقى رِجالاً رِجالَ. للآخرين اقول: راجِعوُا حِساباتِكُمْ، أُدرُسوا قُدُراتِكُمْ، قُدُراتِكُمْ أنتُمُ الفِعْليَّة، واقرأُوا التاريخَ… بِوَجْهِ أيِّ تهديدٍ، بوجهِ أيِّ محاولَةِ إِخْضاعٍ، بوجْهِ أيِّ مُحاولةِ سَيْطَرَةٍ،… سنرفُضُ، سنتحدَّى، سنُقاوِمُ… وسَنبقى. لمّا كانَ الأمرُ الواقعُ والإرادةُ الدوليةُ أنْ نرضَخَ للاِحتلالِ الأَسَدِيِّ السوريِّ، وأَغْمَضَ العالَمُ بأسْرِهِ أعيُنَهُ عنِ اضطِهادِنا، رَفَضْنا ورَفَضْنا ورَفَضْنا، تحدَّيْنا وقاوَمْنا وبقَينا رافِعينَ رأسَنا أحراراً، وَبقَينا. سوفَ نبقىَ، ومِنَ الموطِنِ الصغيرِ نَرُودُ الأرضَ، نَذْري في كُلِّ شَطٍّ قُرانا، نتحدّى الدُّنيا شُعوباً وأَمصاراً، ونَبني أَنّا شِئْنا لُبنانا، فَاصْمُدْ، لبنانُ ما بِكَ وهْنُ، سوفَ نبقى، لا بُدَّ في الأرضِ مِنْ حَقٍّ، وَما مِنْ حّقٍّ وَلَمْ نبقَ نحنُ!”. المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات
|