| ||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||
الوسط الشمال وعكار | ||||||||||||||||||||||||||||
|
مطار القليعات: دقَّت ساعة الإقلاع! الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 4320 | 10-09-2024 |
09:17
مطار القليعات: دقَّت ساعة الإقلاع! ألين الحاج ألقت التجاذبات السياسية والأزمات المتتالية بظلالها الثقيلة على المرافق العامة في لبنان، ما أدى إلى تدهورها بشكل ملحوظ، وانسحب الوضع المتأزم على مطار رفيق الحريري الدولي، المطار الرئيسي والوحيد في البلد، حيث انزلق في دوامة من الفساد السياسي والأمني هدّدت مستقبله وعزّزت المخاوف من تعميق عزلة لبنان الدولية. وعلى الرغم من بروز مطار القليعات كطوق نجاة للنقل الجوي، بدت عملية إنقاذ هذا القطاع معقدة نسبيًا. لطالما اتجهت الأنظار إلى مطار رينيه معوض القليعات، الحاضر دوما في الذاكرة الوطنية، كحلّ استراتيجي وحيد متوفر وبديل عن مطار بيروت أمام تنامي المخاوف من تعرض الأخير لخطر التهديدات الأمنية والتوقف عن العمل. وارتفعت أصوات حزبية وشعبية خلال الأعوام الماضية تطالب بتفعيله إيمانا منها بأهمية دور المؤسسات ومستقبل النقل الجوي. لكن المشروع لم يجد يوماً طريقه إلى التنفيذ، وبقي فرصة ضائعة تتقاذفها الخلافات الحادة في البلاد، علماً بأن حزب “القوات اللبنانية” حرّك الملف عام 2012 وأعادت مبادرة تكتل الاعتدال الوطني الذي يضم نواباً شماليين إحياءه مؤخرًا. تحوّل مطار رفيق الحريري الدولي من شريان حيوي يربط لبنان بالعالم الخارجي إلى بؤرة فساد وأزمات مع سيطرة “الحزب” عليه، فنشطت الصفقات غير الشرعية مثل تهريب الأموال والمخدرات وتخزين الأسلحة وأصبحت جزءًا من واقعه اليومي، مما زاد من تعقيد الأوضاع الأمنية وأدى إلى تدهور كبير في مستوى الخدمات والبنية التحتية. وكشف تقرير لصحيفة “التلغراف” في الثالث والعشرين من حزيران الماضي أن الحزب يخزِّن كميات كبيرة من الصواريخ والأسلحة الإيرانية داخل المطار، بما في ذلك صواريخ “فاتح-110” وصواريخ باليستية. كما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2018 بوجود مواقع لتخزين الأسلحة في محيط المطار. ليس هذا فحسب، بل ساهم موقع مطار رفيق الحريري الجغرافي ضمن منطقة نفوذ “الحزب” في تهديد الملاحة الجوية، حيث أصيبت عدة طائرات برصاص طائش خلال مناسبات مختلفة. التطوّرات الأمنية الأخيرة في البلد أعادت خطة تشغيل مطار القليعات إلى الواجهة من جديد، حيث ارتفع منسوب خطر استهداف المطار الرئيسي من قبل إسرائيل، منذ فتح “الحزب” حرب الإسناد أو المشاغلة في الثامن من تشرين الأول الماضي غداة “طوفان الأقصى”، ليتجلّى الذعر الأكبر خلال الصيف الحالي، عند إعلان كل من إيران و”الحزب” عزمهما الرد على مقتل إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية والرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت. تلا ذلك تهديدات إسرائيلية بردٍ قاسٍ، ما أدى إلى توقف عدد من الخطوط الجوية عن تسيير رحلاتها إلى لبنان، إلى جانب دعوات عاجلة من الدول الغربية والعربية لرعاياها بمغادرة البلد فورًا. الأحداث المتسارعة دفعت أيضاً بالمغتربين اللبنانيين الذين تحدّوا اشتعال جبهة الجنوب وأتوا إلى ربوع وطنهم بأعداد كبيرة، إلى اختصار إجازاتهم وتحمّل أعباء مالية إضافية لتقديم مواعيد سفرهم، مخافة احتجازهم في حال انزلقت الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه ونفّذت إسرائيل تهديداتها بقصف المطار أو محيطه في ظل غياب مطار ثانٍ يمكن الاعتماد عليه. ولا يُعتبر صغر مساحة لبنان مبررًا لعدم بناء مطار ثانٍ، بل يعتمد الأمر على حجم النشاط الاقتصادي للبلد واحتياجاته اللوجستية، فدول بحجم مماثل، مثل قبرص التي تبلغ مساحتها نحو 9,251 كيلومترًا مربعًا، تمتلك مطارين دوليين رئيسيين. تجدر الإشارة إلى أن وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية المحسوب على “الحزب” أصدر في آذار 2023 قرارًا يقضي بتوسعة مطار رفيق الحريري الدولي من خلال تلزيم بناء مبنى المسافرين 2، ثم ما لبث أن تراجع عنه بعد أن أثار القرار جدلاً كبيراً حول قانونيته وشفافيته. من قاعدة عسكرية إلى مشروع مطار مدني مؤجل أنشئ مطار القليعات كقاعدة عسكرية عام 1941، أي قبل الاستقلال بسنتين، على يد قوات التحالف ويمتد على مساحة 5.5 مليون متر مربع في سهل عكار-القليعات. عام 1966، تولى الجيش اللبناني مهمة تطويره ليصبح إحدى أبرز القواعد العسكرية في المنطقة آنذاك، ضمن خطة شاملة لتطوير منطقة سهل عكار، التي تتمتع بمزايا استراتيجية كبيرة وتبعد بضع كيلومترات عن الحدود السورية. شهد عام 1989 انتخاب الرئيس رينيه معوض عقب اتفاق الطائف، ليُطلق عليه اسمه بعد اغتياله، وتم استخدامه كمطار مدني بشكل متقطع خلال الحرب الأهلية اللبنانية حين تعذّر تشغيل مطار بيروت. وفي 7 شباط من العام 1998 أصدر مجلس الوزراء قراراً يقضى بالموافقة على إعلان مطاري القليعات ورياق مدنيين، صالحين لخدمة الملاحة الجوية واستقبال الطائرات المدنية مع تأمين التجهيزات الفنية اللازمة وتوفير الشروط الملاحية والإدارية، إلا أن الصراعات السياسية المستمرة في لبنان ومصالح الفئات المسيطرة حالت دون إتمام المشروع، الذي ما زال ينتظر استكمال تأهيله منذ سنوات. وفي السؤال الموجه إلى الحكومة عبر مجلس النواب عام 2012 حول مطار القليعات، قدّم عضو الهيئة التنفيذية النائب السابق إيلي كيروز شرحاً مفصلاً عن مواصفات المطار، موضحاً أنه يُعتبر ثاني أكبر مطار في لبنان بعد مطار رفيق الحريري الدولي، ويبعد نحو 20 كيلومترًا عن طرابلس و100 كيلومتر عن بيروت، ويحتوي على مدرّجين بطول 3200 متر وعرض 60 مترا، مذكّرًا بأنّه استُخدم عدة مرات عام 1975 بغرض تسهيل النقل بين بيروت والشمال ثم خلال أحداث عامي 1988 و1989 حيث تم تشغيله كمطار مدني بفعل انقطاع الطريق الساحلية بين الشمال والعاصمة بيروت وقامت شركة طيران الشرق الأوسط بتسيير رحلتين في الأسبوع الى بيروت ذهابًا وإيابًا. عرقلة تأهيل مطار القليعات: سؤال كيروز إلى مجلس النواب أراد كيروز من خلال السؤال الموجّه إلى رئيس مجلس النواب معرفة موقف الحكومة اللبنانية آنذاك ممثلة برئيسها نجيب ميقاتي، ووزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، ووزير السياحة فادي عبود من القرار الصادر عام 1998 وما تلاه من توصيات دورية منذ عام 2005، تدعو لإنشاء الهيئة الناظمة للطيران المدني، إضافة إلى حث الحكومة على الطلب من وزير الأشغال العامة والنقل إعداد تقرير عن مطار الشمال، الذي توقف خلال الحرب الأهلية. وحيث أن حزب “القوات اللبنانية” بذل جهودًا كبيرة على مدى سنوات في ملف مطار القليعات، يشير كيروز في حديث لمجلة “المسيرة” إلى أن الحزب مستعد دومًا لمعالجة قضايا الناس، ويشرح أن توجيه السؤال إلى رئيس مجلس النواب عام 2012 جاء بناءً على الدستور، الذي يستوجب توجيه الأسئلة والاستجوابات من خلاله، ليقوم بدوره، بإحالتها إلى الحكومة والوزير المختص. وفيما يتعلق بتوقيت طرح ملف مطار القليعات في ذلك الوقت، يكشف أن السبب الرئيسي كان تحوّل مطار بيروت إلى مصيدة للناس، خصوصًا لجمهور وقادة 14 آذار، إضافة إلى تقديم فرصة إنمائية وحيوية كبيرة لمنطقة الشمال. ويقول في هذا الإطار “وجّهت السؤال للحكومة حول الأسباب التي تمنع تأهيل مطار القليعات وتخصيصه للطيران المدني، مستنداً على قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1998 والذي يقضي بتأهيل مطاري القليعات ورفيق الحريري كمطارين صالحين لخدمة الملاحة المدنية والتجارية وإنشاء الهيئة الناظمة منذ عام 2005 وصولا لليوم، غير أن الاستجابة للطلب لم تكن كافية”. ويعتبر كيروز أن السؤال سسيلخص جميع التحديات التي واجهها في ملف مطار القليعات، مشيرًا إلى أن غياب الإرادة السياسية لتنفيذ المشروع كان واضحًا عام 2012 بسبب الوضع السياسي السائد. ويؤكد أن هذا الوضع لم يتغيّر، مما يجعل من الضروري تأهيل مطار ثانٍ وثالث لأسباب أمنية وسياسية. القرار في يد وزير الأشغال! في السنوات الأخيرة، كثف نواب “تكتل الاعتدال الوطني” جهودهم لتفعيل مطار القليعات، المعروف أيضًا بمطار رينيه معوض، وانطلقوا في جولة على جميع الكتل النيابية للاستماع إلى آرائها حول هذا الملف. يأتي ذلك إيمانا منهم بأن تفعيل المطار ضروري لنهضة منطقة عكار والشمال اقتصاديا، في ظل الإهمال والتجاهل الذي عانت منهما من قبل الدولة، إضافة إلى كونه حاجة وطنية واستراتيجية، كما أظهرت التطوّرات الأخيرة في البلد. بروية وهدوء، يتناول عضو “تكتل الاعتدال الوطني” ورئيس لجنة الأشغال والنقل النيابية النائب سجيع عطية ملف مطار القليعات، مصممًا على تجاوز كافة العقبات للوصول إلى الهدف المنشود. ويؤكد عطية لمجلة “المسيرة” أن التكتل يسعى باستمرار إلى “تحييد هذا الملف عن التجاذبات السياسية” معتبرًا أن القضية تجاوزت كونها مسألة محلية تتعلق بمنطقته، وتحوّلت إلى مسألة أمن قومي واستراتيجي، ما يستدعي تعاون جميع الأطراف بهدف إنجاحها، فيما لم ينكر وجود عرقلة سياسية غير معلنة للمشروع، على رغم عدم ظهور أي جهة تعارضه علناً، وفقاً لما كشفته جولاتهم على القوى السياسية، على حد قوله. وبدا الأمر اليقين لدى النائب عن دائرة الشمال أن وزير الأشغال علي حميّة، يمتلك عملياً الصلاحية الحصرية لتفعيل الملف واتخاذ قرار بإعادة تشغيل مطار القليعات خلال خمسة أشهر من دون الحاجة إلى موافقة مجلس النواب أو أي جهة سياسية أخرى، مستندًا في ذلك إلى قرار مجلس الوزراء السابق الذي يقضي بتشغيل مطاري القلعات ورياق وعدم وجود أي قرار يطالب بتوقيف الأول، غير أنه يضيف قائلاً: “مع ذلك، يفضل الوزير التريث في اتخاذ القرار بحجة دراسة مزيد من التفاصيل وانتظار توقف حرب الإسناد الدائرة في الجنوب”. في المقابل، بدا واضحًا أن له رؤية مختلفة عن وزير الأشغال العامة والنقل، إذ يعتبر أن الظروف الراهنة تستدعي بشكل عاجل تفعيل مطار القليعات كاحتياطي حيوي، داعياً حميّة إلى اتخاذ “قرار جريء والتصرف بحكمة ودبلوماسية وذلك من خلال المباشرة فوراً بإطلاق مناقصة لتشغيل المطار بمبدأ قطاع الخصخصة BOT، خصوصاً وأن الملف جاهز ومتكامل منذ عام 2011″، معيدًا التأكيد على ضرورة النظر إلى المشروع من منظور وطني شامل، بعيداً من الحسابات الضيقة والتجاذبات السياسية نظرًا لأهميته الوطنية والاقتصادية والأمنية القصوى. ويلحظ النائب عطية ثلاث نقاط رئيسية حول مطار القليعات، الأولى تقضي بعدم اعتباره بديلاً عن مطار بيروت، بل مكّملا له حيث يسمح تأهيله بتحويله إلى مطار ملائم للرحلات التشارتر، والرحلات القصيرة، والشحن، نظرًا للضغط والكثافة العالية التي يعاني منها مطار بيروت والتي تؤثر على قدرته الاستيعابية. ثانيًا، أن مطار القليعات لا يزال قيد التشغيل على الرغم من تردي أوضاعه، ويُستخدم من قبل الجيش اللبناني كما يستقبل طائرات صغيرة، ما يعني أنه جاهز كبديل مؤقت لمطار بيروت في حال حدوث أي طارئ، مُعيداً التذكير باستقباله رحلات طيران مثل “الميدل إيست” في السابق. ويُقرّ نائب “تكتل الاعتدال” ثالثًا بحاجة المطار إلى صيانة شاملة وتحديث لبناه التحتية، إضافة إلى توفير الكادر الوظيفي اللازم، كي يصبح مهيأً لاستقبال الرحلات التجارية والسياحية، على أن يتم ذلك عبر نظام الخصخصة “BOT”. ونظرًا لأهمية النقل الجوي، يطالب عطية بإنشاء مطارات في كل منطقة لبنانية في الشمال، الجنوب، والبقاع، إذ، على حد قوله، لا يُعقل أن يبقى لبنان بمطار واحد في الوقت الذي تمتلك فيه دول أصغر عدة مطارات، خصوصاً وأن النقل الجوي أصبح حاجة ملحة بتكاليف أقل، وتأخير تطوير المطارات يضر بلبنان. وبالحديث عن مطار حامات، المعروف بمطار بيار الجميل الدولي، الواقع أيضًا في محافظة الشمال، يرى عطية صعوبة في تشغيله نظراً لقصر مدرجه الذي لا يتجاوز 1700 متر، مما يجعله غير كافٍ لاستقبال الطائرات، في حين أن مدرج مطار القليعات يمتد إلى 3200 متر، واعداً بالإنتقال إلى تطوير مطار حامات ومطارات أخرى في حال نجاح تجربة مطار القلعات. المزيد من البدائل الخطر المحدق بمطار بيروت الدولي رفع منسوب الاهتمام ليس فقط بتجهيز مطار القليعات كمرفق بديل، إنما أيضًا بتطوير مرفأ جونية كضرورة استراتيجية ملحة تشكل منفذًا للبنانيين إلى الخارج، إضافة إلى استقبال السفن التجارية. وفي هذا السياق، تم إحياء النقاش حول ضرورة استكمال بناء الحوض الرابع في جونية لتوسيع إمكانيات المرفأ. ومع ذلك، لم يتم تضمين مرفأ جونية في أي خطط طوارئ رسمية من قبل وزارة الأشغال، ويبدو أنه معطل بقرار سياسي أسوة بغيره من المرافق التي لا تخضع لسلطة “الحزب”. وعلى الرغم من التحديات، برز شعاع نور في الأفق يتمثل في اهتمام قطري بالاستثمار في مطار القليعات، وتعمل قطر على وضع خطة لإعادة تشغيل وتطوير المطار ليكون جاهزًا عند بدء مشروع إعادة إعمار سوريا. تشمل هذه الخطة جوانب سياسية، حيث تُجرى محاولات لإقناع “الحزب” بأهمية فتح المطار ورفع الفيتو عنه. وقد جرت لقاءات بين موفدين قطريين ومسؤولين من “الحزب” لمناقشة هذا الملف. كتبت ألين الحاج في “المسيرة” ـ العدد 1756 مطار القليعات: دقَّت ساعة الإقلاع! طوق نجاة للبنان ومكمِّل لمطار بيروت المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات
|