| ||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||
آراء وقراءات | ||||||||||||||||||||||||||||
|
هواجس بوتين.. الشرق الأوسط يميل نحو التصعيد الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 4340 | 27-07-2024 |
08:19
هواجس بوتين.. الشرق الأوسط يميل نحو التصعيد صحيفة الجمهورية – الياس مخايل المر شهدت الفترة الأخيرة كثيراً من محطات ترتيب الأوراق في منطقة الشرق الأوسط على صعيد احتمال أو بدايات حل النزاعات الاقليمية أو الحروب الداخلية والأزمات السياسية والعسكرية وحتى بعض التفاهمات المهمة للخلافات الأيديولوجية والتاريخية بين بعض دول الشرق الأوسط، الّا أنّ كل هذا المسار لم يكن كافياً لإخفاء مشاعر القلق لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي عبّر عنها خلال لقائه الأخير مع الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك عبّر عن المخاوف حيال الوضع في الشرق الأوسط بصريح العبارة قائلاً: «للأسف هناك مَيل نحو التصعيد، يمكننا أن نرى ذلك». شرحت مصادر قريبة من الكرملين أسباب هواجس بوتين إزاء الوضع في المنطقة وأبعادها وخلفياتها في هذا التوقيت بالذات، حيث ترى بعض الأوساط المراقبة بشائر حلحلة للأزمات يُعرِب الرئيس الروسي عن قلقه من تدهور دراماتيكي للتفاهمات في المنطقة وعودة العقارب الى ساعة الصفر ونشوب حروب داخلية واقليمية على أكثر من محور وجبهة: 1- ايران وملفها النووي: رغم الهدوء الذي يسود الملف النووي الايراني وقنوات الحوار الأميركية الايرانية المفتوحة عبر سلطنة عمان وبعض المبادرات العراقية، الا أنّ احتمال انهيار هذا المسار يبقى قائماً خصوصاً في ظل الضبابية التي تسود التوجهات الأميركية، ما بعد الانتخابات الرئاسية واحتمال عودة ترامب الى البيت الأبيض وما يمكن أن تكون انعكاسات هذه العودة على العلاقة مع ايران وفشل المفاوضات والعودة الى سياسة الضغوط الاقتصادية وما يَليها من تصعيد أميركي وايراني في الاتجاهين المعاكسين، وامتداد هذا التصعيد الى رقعة نفوذ كل من الدولتين الفاعلتين والمؤثرتين في المنطقة. 2- الصراع الاسرائيلي الفلسطيني: يبقى هذا الملف الأبرز والأكثر تعقيداً في منطقة الشرق الأوسط، اذ إن التصعيد الأخير ما بعد أحداث السابع من تشرين، وما تلاها من أعمال حربية تترك التصعيد مفتوحاً على كل الاحتمالات المباشرة وبعيدة المدى، والتأثيرات المباشرة، زيادة التوترات الاقليمية من خلال فوضى الحرب في غزة، ومن خلال التصعيد الدراماتيكي في الضفة الغربية الذي يُنبىء بمزيد من التوترات والمواجهات. وكذلك التأثير المباشر على دول الجوار، التي تشكّل الطوق المباشر لدائرة النزاع الملتهبة وتفاعل هذه الدول مع الأحداث التي تجري أو من خلال التدخل المباشر أو من خلال الاستنفار لاحتمالات التدخل في حال استمرار الحرب وتمدّدها لأكثر من جبهة مثل السورية ـ العراقية ـ اليمنية وحتى الايرانية، عسكرياً، واجتماعياً من خلال أزمة النزوح مع الدول التي لها حدود مفتوحة مع منطقة النزاع مثل مصر والأردن، وهذه أيضاً من نقاط المراقبة والقلق لدى الكرملين. 3- التأثيرات على الأمن الداخلي للدول: من خلال الاحتجاجات الشعبية التي رافقت وترافق الأعمال الحربية في غزة، والتي من الممكن أن تتمدد وتتصاعد في ظل مشاعر الغضب والنقمة وخصوصاً في الدول التي يسكن فيها لاجئون فلسطينيون أو مواطنون قوميون يشعرون بالتعاطف السياسي أو الديني الايديولوجي مع ما يجري في فلسطين عموما وغزة تحديدا، ما يؤدي الى عدم استقرار داخلي في تلك الدول مثل لبنان، تركيا، العراق وغيرها. وانّ «زيادة التطرف» واحدة من المخاوف المحتملة اذ إن مشاعر القهر والغضب والاحباط قد تولّد نزعة متطرفة متصاعدة تشكل بيئة ملائمة للجماعات المتطرفة وتسهّل عملية تجنيد الشباب تحت شعار الدفاع عن قضية معينة، وقد تستعمل هذه المجموعات لأهداف عدة قد تكون بعيدة عن الهدف أو السبب الرئيسي من تشكيلها وتنحرف عن مسارها الشرعي المحق، وتشكل تهديدا اضافيا مباشرا على أمن الدول والمنطقة. 4- الحرب في سوريا: يرى الكرملين أنّ الوضع في سوريا وعلى رغم من التطورات العسكرية والسياسية الأخيرة التي تنذر بالايجابية نحو الوصول الى تفاهمات تؤدي الى حلول سياسية، لا يُسقط احتمال التراجع عن هذا المسار وفشله في أي لحظة داخلية متأثرة بالعوامل الخارجية وبمرحلة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة، ومن هذه الاحتمالات الحرب الواسعة مع اسرائيل، أو اعادة تفعيل الجماعات الارهابية في ظل النزاع مع تركيا واحتمال تَبنّيها من أي جهات مستفيدة أخرى بالاضافة الى مشكلات الجنوب في السويداء خصوصاً، والتي تدعمها دول وجهات إقليمية لها مآرب على الساحة السورية ولا تدعم مسار الحلول والسلام. وكذلك وجود أكثر من قوة اقليمية ودولية أجنبية على الأرض السورية تشكل عنصر اضطراب وعدم استقرار. 5- التوترات في اليمن والبحر الأحمر: تشكل اليمن نقطة انتباه على أمن المنطقة أو من خلال النزاع الداخلي والازمة السياسية التي لم تحلّ بعد، أو من خلال دورها في النزاعات الاقليمية من خلال الأعمال الحربية التي تصدر منها تجاه اسرائيل، أو في البحر الأحمر من خلال استهداف السفن المتوجهة الى اسرائيل وتهديد الأمن المائي والممرات البحرية وما لها من تأثير مباشر على الاقتصاد الدولي، وما تحتويه اليمن من نقطة التقاء لعدد من نزاعات المنطقة لا سيما منها التنافس الاماراتي ـ السعودي والنزاع الدفين السعودي ـ الايراني والنزاع الأكبر حول دور اليمن في القضية الفلسطينية، إذ يتعدى موقفها الاطار السياسي ويدخل في نطاق الأعمال الحربية العسكرية المباشرة، بالاضافة الى الوجود العسكري الدولي مثل فرنسا وبريطانيا وأميركا والصين من أجل حماية مصالحها في أمن الملاحة. 6- العلاقات السعودية الايرانية: لا شك في أن الكرملين ينظر بعين الارتياح الى ما آلت اليه العلاقات السعودية ـ الايرانية ما بعد اتفاق بكين وانعكاساته على أمن المنطقة واستقرارها، الّا أنّ احتمالات تراجع هذا الاتفاق وفقدان كثير من مفاعيله على الأطراف التي تتأثر بها تبقى قائمة في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، وخصوصاً اذا تغيّرت الادارة الأميركية ووصلت ادارة تسعى لإعادة عقارب الساعة في الخلاف الى الوراء، وإنهاء مفاعيل الاتفاق، والدفع بالسعودية الى الاقتراب من اسرائيل لاستكمال مشروع التطبيع، وبالتالي ضرورة الابتعاد عن ايران، وهذا أيضاً من العناصر التي ينظر اليها الكرملين بعين الحذر والريب. 7- الوضع في لبنان: لا يغيب الهاجس اللبناني السياسي الاقتصادي والأمني عن بال الكرملين في تقييمه للوضع في المنطقة إذ تشكّل الجبهة اللبنانية اليوم العامل الأكثر نشاطاً في مؤشرات التصعيد، والتي من الممكن أن تتدهور في أي لحظة في ظل الحديث الاسرائيلي الدائم عن استعدادات ورغبة في التصعيد لحماية أو استعادة «أمن الشمال» وعودة المستوطنين، بالاضافة الى العوامل اللبنانية الداخلية والأزمة السياسة والانقسام الحاد الذي يشكل عنصراً من عدم الاستقرار الداخلي وما له من ارتباط وانعكاس على أمن المنطقة واستقرارها، وقد يشكل لبنان نقطة بين عدد دول المنطقة التي تبدو متفاهمة ولكن ليس على كل الملفات، وقد يكون لبنان واحداً من هذه الملفات الخلافية العالقة بين دول فاعلة في المنطقة قد تكون مثل السعودية وايران على سبيل المثال. 8- السياسة التركية: على رغم العلاقة الاستراتيجية المميزة التي تجمع موسكو بأنقرة، الّا أن هذا لا يعني أن الكرملين ينظر بانتباه الى الدور وبعض التدخلات التركية في دول المنطقة سواء الوجود العسكري في سوريا ومصير المصالحة التي تسعى اليها موسكو من خلال جمع الرئيسين السوري والتركي الشهر المقبل برعاية الرئيس بوتين، ومخاوف من عدم نجاح هذه المهمة وما مصير الوجود العسكري التركي ودور تركيا في دعم الجماعات المسلحة في الشمال السوري ومصير هذا الدعم، وما المبادرة التي ستقوم بها الدولة السورية تجاه الأكراد لِطمأنة الجانب التركي، الا أنّ سوريا ليست الساحة الوحيدة التي لتركيا وجود فيها، بل في العراق وليبيا أيضاً، هنا دور تركيا وتشعّب المصالح والأدوار في عدد من الساحات بين الحلفاء والخصوم قد يشكل تهديدا صريحا لمسار التفاهمات المنشودة ويَعوق المسار المنشود، وتنزلق بنتيجته المنطقة الى حالة من عدم الاستقرار لا بل الاقتتال، في منطقة تعتبر الأكثر اضطراباً في العالم والأكثر جاذبية لتنافس القوى الاقليمية وتدخلات القوى الدولية للهيمنة على النفوذ فيها كرافعة أساسية للهيمنة على النفوذ العالمي في ظل النزاع المحتدم على اعادة رسم التوازنات الدولية، على قاعدة: «من يحكم الشرق الأوسط يحكم العالم». 9- إحتمالات المرحلة المقبلة: بين استمرار الوضع على حاله أو الانتقال الى مرحلة أكثر ضبابية وحماوة عسكرية، أو الذهاب الى تسويات وتفاهمات سياسية، الا أنّ التعقيدات والتداخلات الداخلية والخارجية وثروات المنطقة وتأثيرها على الطاقة وممرات التجارة الدولية تجعل من الصعب التنبؤ بمسار واحد لتطورات المنطقة، وهذا ما دفع بالرئيس بوتين الى دق جرس الانذار. المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات
|