| ||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||
آراء وقراءات | ||||||||||||||||||||||||||||
|
هل استسلمت الإيديولوجيا للتكنولوجيا؟ الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 4361 | 24-09-2024 |
07:02
هل استسلمت الإيديولوجيا للتكنولوجيا؟ صحيفة النهار – د. ميشال الشّمّاعي لا يمكن الوقوف أمام هول الأحداث الأخيرة التي طالت البنية العسكريّة – التنظيميّة لمنظّمة الحزب من دون التفكّر فيما هو خير لصالح الوطن اللبناني. هذا الوطن الذي إن استمرّت منظّمة مرهونة فيه لمبادئ إيديولوجيّة لا تشبه كلّ مواطنيه بالمسار الانحداري الذي تسير به سنفقد جميعنا قيمة الوطن واستحقاق وجوده. وهذا بالطبع أمر مرفوض وطنيًّا في جميع المعايير. لذلك علينا البحث بموضوعيّة، ومن دون أيّ قفّازات، عن الحلّ الذي يضمن استمراريّة الوجود كي لا نُباع على مذبح الجحود. ممّا لا شكّ فيه أنّ التهويل الأربعيني (نسبة إلى عمر منظّمة الحزب) الذي شنّف آذاننا فيه أمينها العام طوال هذه السنوات، قد سقط أمام واقع تفوّق #التكنولوجيا على الأيديولوجيا. هذه المبادئ التي نجح عبرها، طوال هذه العقود الأربعة، بإخراج قسم كبير من المكوّن الحضاري الشيعي اللبناني من الكيانيّة اللبنانيّة، عبر نقله من الجعفريّة اللبنانيّة إلى الصفويّة الفارسيّة. وهنا الطامة الكبرى في البعد الحضاري للصراع الذي نخوضه كلبنانيين على جبهتين حضاريّتين: الأولى يهوديّة لا تعترف بوجوديّتنا، والثانية لا تقبل إلا بتحويلنا لما يشبه فكرها، وإلّا نُصَهْيَنُ وتهدَر دماؤمنا. وانطلاقًا من بعد فكرنا اللبناني – الكِياني نرفضهما جملة وتفصيلًا. حقّنا بالوجود والاخلاف حقّ مقدّس وليس منّة من أحد. لا يختلف لبنانيّان اليوم على أنّ منظّمة الحزب، وقد يكفي أن نعود إلى احداث الثامن من أكتوبر، ورّطت نفسها وورطتنا جميعًا في هذا الصراع. فإعلان المشاغلة قد تمّ إسقاطه بنوعيّة الاستهداف. أخلاقيًّا وإنسانيًّا لا يمكن الوقوف بموقف الشمّاتين، فهذه جريمة أخلاقيّة. واذا قاربنا الموضوع مسيحانيًّا فهذا لعمري بقناعاتنا وعرفنا مرفوض سبعين مرّة سبع مرات. فطالما غزّة موجودة، وحركة ح تتقدّم، ولو بطريقة مبدئيّة، كان من الممكن الحديث عن استمرار هذه المشاغلة. لكنّ غزّة لم تعد غزّة قبل السابع من أكتوبر. وحركة ح تستجدي التفاوض، وهي مستعدّة لتقديم شتّى العروض. لكنّ نتانياهو رفضها كلّها. وبالنسبة إليه هذه فرصة لن تتكرّر. وامام ردّات الفعل الخجولة على الاعتداءات الاسرائيليّة سواء من اغتيال هنيّة إلى شكر إلى الاستهدافات كلّها في العمق اللبناني وصولًا حتّى اغتيال ابرهيم عقيل، يطرح المراقبون إمكانيّة أن تضمر إيران لشيء ما. قد يقلب موازين اللعبة الإقليميّة بالكامل. لكن هكذا طروحات باعتقادنا مستبعدة، لأنّ اللاعب الإيراني ينظر بالعين الاقتصاديّة الدّاخليّة. ويعلم تمامًا أنّه يستطيع فقط أن يلعب بالميدان الديبلوماسي الأميركي في هذين الشهرين والنّصف من الوقت المتبقّي للإدارة الديمقراطيّة. أمّا أيّ انزلاق إلى الميدان العسكري فهو يدرك تمامًا أنّه قد يكلّفه النّظام برمّته، ولاسيّما أنّه عمل على بنائه منذ العام 1979 وحتّى اليوم. مقابل ذلك، عدم القيام بأيّ ردّ نوعي إيراني ينقل الحرب من مضمارها التكنولوجي غير التقليدي إلى مضمارها الصاروخي التقليدي يعني ذلك ركونًا واستسلامًا لأمر الواقع التسوويّ -المفاوضاتي. هذا هو الواقع الأساس الذي ما فتئت الديبلوماسيّة الإيرانيّة تعمل عليه منذ تاريخ بنائها. ومخطئ مَن يظنّ أنّ إيران تعمل على قلب موازين القوى التي لا توازن فيها من الأساس. ماذا وإلّا لكانت سمحت لمنظّمة الحزب باستخدام الصواريخ الذكيّة كصاروخ فاتح الذي إن أطلقته منظّمة الحزب قد تنجح بضرب المفاعلات النوويّة الاسرائيليّة. ولكن هل تتحمّل إيران إدخال المنطقة في هكذا حرب غير متكافئة بعدما عاينت قدرة الآلة الاسرائيليّة معطوفة عليها القدرة التكنولوجيّة والاستخباراتيّة؟ هذه الاستهدافات الخطيرة يبدو أنّها ستتصاعد ولا سيّما بعدما تمّ إقفال الباب الديبلوماسي مع لبنان بشكل قاطع بحسب ما أعلنه مندوب العدوّ الإسرائيلي في الأمم المتّحدة. فضلًا عن نقل الثقل العسكري كلّه من الجنوب إلى الشمال استعدادًا للقادم. فما حدث ينضوي في كونه أكثر من إذلال تكنولوجيّ، ويتعدّاه إلى كونه إذلال بشريّ – استخباراتيّ. يصل إلى حدّ التهديد الوجودي للأذرع التي عملت إيران على تأسيسها في المنطقة. وأوّلها درّة تاجها منظّمة الحزب في لبنان. يبدو من ذلك كلّه، أنّ هذه الحرب لن تتوقّف حتّى تحقيق أهدافها. والنصر الذي وعدنا به أمين عام منظّمة الحزب في قدرته على منع العدوّ الإسرائيلي من تحقيق هذه الأهداف هو نصر مبين، بات نصرًا ساقطًا بعد سقوط إيديولوجيّته على ألسنة جمهوره المتهاوي والمصدوم والمخذول. وما من باب خلاص إلّا عبر العودة إلى الدّولة. لأنّ المجتمع الدّولي لن يرضخ لدعوات استنهاض الأمّة الاسلاميّة التي يطلقها الخامنئي. فهو يبرّئ نفسه من هذا الصراع ويضعه في قلب الأمّ’ الاسلاميّة من جديد. ولكن فاته أنّ الإسلام لا يمتّ بصلة إلى هذا التّفكير، والدول العربيّة التي يستجديها الدّعم وأخذ الدّور عنه كان أوّل طاعنيها في العراق واليمن وسوريا ولبنان وغزّة وحتّى البحرين والمملكة العربيّة السعوديّة. في المحصّلة، ترك الحزب وإيديولوجيّته وحيدين. ومن يحمل هذه الخيارات لا يستسلم بل يموت. لكن الخشية هنا ألا يحمل موته موت وطن بكامله. لأنّه على ما يبدو أنّ البناء الشرق – أوسطي الجديد سيكون خاليًا من هذه المعتقدات خدمة لتطوّر ورقي ورفاهية الانسان من باب التكنولوجيا وليس من باب الإيديولوجيا. وإذا استمرّت هذه الوتيرة فهذا يعني حتمًا أنّ الأضحية التي أعدّتها إيران في لبنان منذ العام ١٩٨٢ أعني منظمة الحزب، قد أينعت وحان وقت قطافها على مذبح مفاوضات الوجود الشرق- أوسطيّة. التضامن انتهى. هذا ثمن الحصاد. المطلوب العودة الى الدولة لتأخذ هذه الحكومة المخرج المناسب. والرأي المختلف لا يجوز صهينته. سقطت كلّ القناعات. ولإبطال قدرة العدو الاسرائيلي على المزيد من الاستدراج الى الحرب وتوريط لبنان كلّه، قد يكون قرار العودة إلى الدّولة والاحتكام إلى الدّستور، وانتخاب الرئيس المسيحي القويّ بتمثيله النيابي، وبعلاقاته الدّوليّة والاقليميّة النّدّيّة هو القرار الأجرأ والأهم بتاريخ منظمة الحزب. فهل يجرؤ حيث لم يتجرّأ أبدًا، ولاسيّما بعد استسلام إيديولوجيّته لتكنولوجيّتهم؟ المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات
|