| ||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||
آراء وقراءات | ||||||||||||||||||||||||||
|
شعار النصر من عرفات إلى نعيم قاسم الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 4374 | 03-12-2024 |
08:08
شعار النصر من عرفات إلى نعيم قاسم د. إيلي الياس صحيفة نداء الوطن – ايلي الياس على مدار أربعة عقود، شهد لبنان – الساحة شعارات نصر متكرّرة، بدءاً بوجود منظمة التحرير الفلسطينية المسلّحة بين عامي 1969 و1982، وصولاً إلى هيمنة “الحزب” المدعوم من إيران منذ 2005 وحتى اليوم، حيث كان لبنان، دولةً وشعباً، الخاسر الأكبر بسبب هذه الصراعات والإيديولوجيات التي دفعت به إلى حافة الانهيار. البداية كانت في نهاية الستينات من القرن الماضي، حيث مثّل اتفاق القاهرة عام 1969 بداية شرعنة سلاح منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان. باتت الأراضي اللبنانية منطلقاً لعمليات المنظمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما جرّ لبنان إلى دائرة الصراع المباشر مع إسرائيل وحوله ساحة مستباحة باسم تحرير فلسطين. شهدت تلك الفترة العديد من المواجهات والتوترات، وصولاً إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وكان هدف اجتياح إسرائيل للبنان وبيروت حينها يتمثل في: تدمير البنية التحتية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية. فرض انسحاب القوات السورية. إقامة منطقة عازلة. ضمان أمن المستوطنات الشمالية. خرجت منظمة التحرير من بيروت بعد حصار طويل، رافعة “شارات النصر”، رغم أنها خرجت إلى تونس البعيدة عن أرض فلسطين، بينما كان لبنان مدمَّراً ودفعت الدولة اللبنانية الثمن الأكبر من الدمار وانتهاك السيادة واحتلالين إسرائيلي وسوري واقتتال داخلي. قُدّرت الخسائر البشرية خلال تلك الفترة بحوالى 40,000 قتيل، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمشرّدين، أما الخسائر المادية فبلغت مليارات الدولارات من دمار البنية التحتية والمرافق العامة. بعد دخول لبنان مرحلة اتفاق الطائف وإطلاق يد النظام السوري في لبنان على مدى 15 عاماً، أو ما عرف بـ “السلام السوري”، جاء اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري ليشكل نقطة تحول مهمّة، إذ ساهم هذا الاغتيال بشكل كبير في خروج الجيش السوري، ولكن فتح الباب أمام تعزيز هيمنة إيران على المشهد اللبناني. بدأ “الحزب”، المدعوم من إيران، يعزز قوّته السياسية والعسكرية تدريجياً، خاصة بعد ضرب الاندفاعة السيادية التي انطلقت بعد 14 آذار، وخدمةً لراعيه الإيراني، قام “الحزب” بعملية خطف جنديين إسرائيليين ما أدخل لبنان في حرب مدمّرة عام 2006. بعد حرب 2006، أعلن “الحزب” النصر، ولكن هذا النصر جاء بثمن باهظٍ دفعه لبنان، حيث تعرّضت البنية التحتية لدمار واسع، وأصبحت الخسائر الاقتصادية هائلة. قُدّرت خسائر حرب 2006 بحوالى 1,200 قتيل لبناني، معظمهم من المدنيين، بالإضافة إلى أكثر من 4,000 جريح، كما تجاوزت الخسائر المادية 3.6 مليارات دولار نتيجة الدمار الواسع للبنية التحتية والمنازل. بين عامي 2006 و2024، استمرّ “الحزب” في تعزيز نفوذه، مستغلاً الأوضاع الإقليمية والداخلية لترسيخ سيطرته، ما جعل لبنان رهينة للصراعات الإقليمية وأدّى إلى تدهور حالته الاقتصادية والسياسية. في الحرب الأخيرة بين إسرائيل و “الحزب” عام 2024، تكبّد لبنان خسائر بشرية ومادية جسيمة. كان هدف إسرائيل من الحرب هو: تدمير البنية التحتية العسكرية لـ “الحزب”. فرض رقابة دولية على الحدود اللبنانية – السورية ومنع إعادة التسلّح. إقامة منطقة عازلة. ضمان أمن المستوطنات الشمالية. قُدّر عدد القتلى بحوالى 3,800 شخص، معظمهم من المدنيين، وأصيب حوالى 16,000 آخرين من جرّاء القصف الإسرائيلي، كما نزح أكثر من 886,000 شخص داخل البلاد. من الناحية الاقتصادية، بلغت الخسائر حوالى 5.1 مليارات دولار، مع تدمير أو تضرّر ما يقرب من 100,000 وحدة سكنية، وفقد حوالى 166,000 شخص وظائفهم نتيجة النزاع. هذه الأرقام تعكس حجم المعاناة التي تكبّدها لبنان وشعبه نتيجة هذا الصراع، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. إن المقارنة بين ما تكبّده لبنان خلال فترة الوجود الفلسطيني المسلّح وبين ما يعانيه اليوم من نصر “الحزب” تكشف بوضوح أن الحركتين – منظمة التحرير و “الحزب” – لم تكترثا أبداً لما قد يخسره لبنان. كان الهدف دائماً رفع شعارات النصر على حساب تدمير لبنان دولةً ومؤسسات. خلال الفترة من 1969 إلى 1982، تحوّل لبنان إلى ساحة معركة بالوكالة، ما أدى إلى انهيار الدولة وانقسام المجتمع. وفي الفترة من 2005 إلى 2024، تكرّر السيناريو نفسه، حيث بات لبنان ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، متحمّلاً عواقب الحروب والهيمنة الإيديولوجية. حماية لبنان تبدأ بمنع استغلال أرضه لمشاريع إقليمية وعدم السماح لتحوّل فئة من اللبنانيين إلى أداة لهذه المشاريع الإقليمية. إنّ الحركات التي تتشدّق بالانتصارات لم تكترث بالدمار الذي لحق بلبنان وشعبه، ويبقى لبنان هو الخاسر الأكبر، وضحية لصراعات تتجاوز حدوده وقدرته على التحمّل، ما يتطلّب إعادة التفكير في كيفية حماية سيادته واستقلال قراره الوطني. المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات
|