| ||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||
آراء وقراءات | ||||||||||||||||||||||||||||
|
استقواء بالترسيم لعرقلة الاستحقاقات! ![]() الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 3752 | 06-10-2022 |
08:31
![]() استقواء بالترسيم لعرقلة الاستحقاقات!
روزانا بومنصف
“بمناسبة انتهاء ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية في الحادي والثلاثين من تشرين الأول” أكدت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان أهمّية انتخاب رئيس جديد ضمن الإطار الزمني الذي نصّ عليه الدستور. “رئيس يكون بمقدوره توحيد الشعب اللبناني والعمل مع كافة الفاعلين الإقليميين والدوليين على تجاوز الأزمة الاقتصادية والإنسانية بما يخدم المصلحة العامة من خلال البدء الفوري بتمهيد الطريق لتطبيق إصلاحات شاملة والتوصّل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي” . البيان مهم ليس فقط في تحديد خريطة الطريق الواجبة الوجوب أمام المسؤولين وحسم ضرورة مغادرة ميشال عون موقعه، بل إن أهميته هي أيضاً في واقع أن هناك إجماعاً بين أعضاء المجلس على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية وأمنه. كما يتفق أعضاء المجلس عموماً على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات للتغلب على الأزمة الاجتماعية والاقتصادية وعلى أهمية إجراء انتخابات رئاسية في الوقت المناسب. وذلك على رغم الخلافات العاصفة بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن حول أوكرانيا ومسائل كثيرة أخرى. وقد يكون السبب أن انهياراً للاستقرار لا تتحمّله أي من هذه الدول على حدود إسرائيل كما على حدود سوريا في هذه المرحلة، فيما المخاوف كبيرة من المنحى الخلافي بين أهل السلطة وعدم التوافق حتى على تأليف حكومة مؤقتة تمسك بالحد الأدنى من الاستقرار في البلد حتى انتخاب رئيس جديد إذا ما تأخر ذلك بعض الشيء.
ولكن على أهمية هذا البيان وما يعنيه من وحدة الموقف الدولي حول لبنان، فإن مفاعيله قد لا تكون مؤثرة في ظل تجربة كل المواقف الدولية ولا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت، من دون أن تغيّر السلطة قيد أنملة من أدائها، إذ إن شبح أزمة دستورية مفتوحة يفتعلها عون وفريقه ولا سيما في ظل رفع شروطه من أجل وضع اليد على الحكومة تحت طائلة عدم تأليفها والذهاب الى مشكلة وفوضى إضافيين تلقي بظلالها على موقف دول المجموعة. مع أن ذلك قد يكون ممكناً تجاوزه أي الشغور الرئاسي كما مسألة تأليف حكومة لا يتم الاتفاق عليها بالضغط جدياً وبقوة من أجل إجراء انتخابات رئاسية قبل موعد انتهاء ولاية عون. فرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لا يتجاوب مع تغيير شبه شامل للحصّة المسيحية لكي يستحوذ عليها الفريق العوني فحسب إذ يتجاوز بذلك نتائج الانتخابات النيابية ويتم تأليف حكومة شبه جديدة عبر التحايل بالقول إنه مجرد تعديل فحسب. فيما يتفق أكثر من رأي على أن ميقاتي لا يمكنه التفريط لا بالموقع ولا بالطائفة ولا بالسلطة في ظل غياب المرجعيات الأساسية السنية.
وما يبدو مثيراً للاستغراب أنه بدلاً من اختتام العهد بموضوع إنجاز الترسيم الحدودي مع إسرائيل لئلا يخرج العهد بإرث الانهيار الكارثي فحسب، فإن هناك احتمالاً لتخريب ذلك بدفع البلد الى أفق مجهول مع الاحتمالات الخطيرة التي يمكن أن يؤدي إليها في عملية ابتزاز واضحة لكل من المجموعة الدولية للضغط على رئيس الحكومة المكلف وسائر الأطراف السياسية من أجل الخضوع لتلبية طلباته وإلا دفع البلد الى المزيد من الانهيار وفق المظاهر التي تُرصد يومياً.
ولا يرى سياسيون أن الحليف الشيعي يضغط أو هو في وارد الضغط بما يكفي من أجل تأليف حكومة أو يكبح الانزلاق الى إشكالية يدفع بها التيار العوني. فكثيرون واثقون من أن هذا الاخير يتمتع بهامش يتيحه له “حزب الله” ولم يكن ليتمادى لولا هذا الهامش على خلفية أن لكل شيء ثمناً والبازار السياسي مفتوح بحيث يمكن بيع منع تكبير المشكلة أو توظيفها من الداخل كما من الخارج. وذلك على رغم اعتقاد هؤلاء أن هذا البيع قد يكون في الرئاسة أو سواها، علماً بأن للرئاسة توازناتها راهناً محلياً وإقليمياً كذلك، فيما “حزب الله” قد لا يمانع بحصّة كبيرة لحليفه المسيحي في المرحلة المقبلة انطلاقاً من أن ذلك يبقي حصته معززة أيضاً نيابياً ووزارياً وتغطية مسيحية في ظل شراكة حصلت في مسائل كثيرة التقى على الاستفادة منها منذ ما بعد تفاهم مار مخايل وخصوصاً خلال ولاية عون في الأعوام الستة الماضية.
هل يمكن للولايات المتحدة أن تربط “إنجاز” الترسيم بكل تفاصيله قبل موعد مغادرة عون موقعه بالتزام الأطراف السياسية إجراء الاستحقاقات الدستورية باعتبار أنها الأقدر في ظل الورقة التي تملكها على ممارسة الضغوط من أجل ذلك؟
لا ترى مصادر سياسية ذلك نظراً للأهمية التي يكتسبها إنهاء الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بعدما اقتربت الأمور من نهايتها. وإزاء الوضع الداخلي الصعب في إسرائيل والوضع الداخلي اللبناني الأصعب في ظل الخلافات المستعرة بسبب الانتخابات الرئاسية والحكومة كما في التنافس إزاء لمن يعود الفضل في الوصول الى الاتفاق، ثمة حرص أميركي على اقتناص الفرصة والحؤول دون أن تعرقل الخلافات الداخلية في كل من إسرائيل ولبنان إنجاز الاتفاق. فالبعد الأهم المتصل بالاستقرار الإقليمي وعدم التصعيد والمكاسب الاقتصادية لكل من لبنان وإسرائيل بالإضافة الى البعد المتصل بدعم أوروبا بالغاز البديل من الغاز الروسي، يستنفد الجهود على هذا الصعيد لئلّا يغدو ما حصل حتى الآن فرصة ضائعة لكلا الجانبين أو جعل الإنجاز رهينة التطورات السياسية في كل من لبنان وإسرائيل. ولذلك يُخشى أن يكون إنجاز الترسيم قد زخم أطراف السلطة أي عون والحزب بورقة قوة لن يتساهل أيّ منهما بعدم توظيفها الى الأقصى إذا أمكن لأن عون كما فريقه لا يستسهل الخروج من السلطة، وحليفه الشيعي يستصعب الذهاب الى أي خيار ديموقراطي قبل استطلاع أفق تطوّر عدّة مسائل حسّاسة جداً بالنسبة إليه في المنطقة.
المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات ![]()
|