| ||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||
تحقيق | ||||||||||||||||||||||||||||
|
زَواجُ الهِجْرةِ طَلاقٌ ... الغَربُ نموذجاً
الكاتب: صالح محمود حامد
الوسط اللبنانية | العدد التجريبي: 4361 | 24-06-2024 |
16:41
زَواجُ الهِجْرةِ طَلاقٌ ... الغَربُ نموذجاً
الكاتب: صالح محمود حامد.
أثبَتتِ التجارِبُ الواقعِيةُ على حتميَّة فَشَلِ زواجِ الهِجرَة، فالعَربيُّ الذي هاجَرَ إلى بلاد الغرب عَبرَ الزواجِ المَصلَحي هُروباً من الفقر والبطالة والعَوَز يرى أنَّ زواجَه يُشْبِهُ جسداً بلا روح.
زواجٌ لا يَخضع لقواعدِ الحُب،وأسبابُ الطلاقِ فيه قائمة، فكلُّ واحدٍ منهما له عاداتُه وتقاليدُه ونمطُ عيشٍ يسيرُ عليه، وبينهما فوارقُ كبيرة، لا يلتقيان على قواسمَ مشتركة، منها اختلافُ اللغةِ التي تجعل العلاقةَ باردة، فهي تتقن اللغة الإنكليزية وهو لا يتقن نَغمات العربية وغنوتها ولا الإنكليزية وأدواتها، ويجهل تماماً كيفيةَ التعاملِ مع فتيات الاغتراب المقيمات في بلاد الغرب، والعاجزُ عن مخاطبتها بلغتها ولهجتها، ولا هي بوسعها مغازلَتَه بلغته المحكيّة، يعني أنَّ زواجهما أقربُ إلى طريقة جدِّي وجدتي وعاداتها القديمة، وبغفلة من الزمن أنجبَا أربعةً من الأولاد فما فوق، وفي نية كلِّ واحدٍ منها الطلاقُ من أوّلِ أو ثاني مولود،لِيُخْبرَكَ فيما بعدُ أنه لم يَعُدْ بمقدورِهِ الصبرُ عليها ، وهي تشكو من نمط عقليته وسوء سلوكياته البائدة، لينتهيَ الأمْرُ بالهَجْرِ والخصام والطلاق، والنتيجة أن الأولادَ يُتركون فريسةَ الضياع والصياع والمصير المجهول .
فإحدى المشكلات المحورية أنّ أكثريةَ الشبابِ القادمِ من الشرق الأوسط أتَوا من الأرياف ومن ضواحي المُدُن ذات الأحياء الشعبية ومن حزام البؤس، ومعظمهم متأثِّرُونَ بآفات الحروب الأهلية والبيئات الموبوءة والأكثر فقراً وبطالةً، والبعض منهم لم يتقبَّل بعدُ الاندماجَ الوطني في المجتمع الغربي. لذا بينهما فروقاتٌ في الهُويَّةِ الثقافية، التي لها ارتدادات على مستقبل الحياة الزوجية...
فقانون الأسرة والأحوال الشخصية في الغرب يمنح المرأةَ سلطاتٍ واسعةً وحريةً بلا حدود، وعند احتدامِ الخلاف بينهما تتقدّم الزوجة بشكوى عند السلطات المختصة، فتطردُه خارجَ المنزل الذي اشتراه من تعب عمله ومن سنين عمُرِه،ويوقِّع عند البوليس بعدم الاقتراب منها ومن منزل إقامتها من مسافات بعيدة، وهي بذلك قد تسلَّحَت بقوة القانون الذي يضرب بعنف لا هوادة ولا هدنةَ فيه. فكلُّ المالِ الذي اكتسبَه يطير ويتبخّر بلمح البصر عندنا تشاءُ المرأة الحاردة والناقمة.
ومن باب العدالة، لا يجوز شرعاً وتشريعاً وقانوناً للمرأة أن تَسْتَأْسِدَ على الرجل إذا كان وفيّاً معها،ومعيبٌ أن تستخدم القوانين الغربية سيفاً للانتقام وبطريقة مُفرِطَة، وهذا يدخل في باب استغلال القوانين طمعاً في المال والمكاسب ولو ظُلماً، نعم، الحريةَ المطلقة َمفسدةٌ مطلقة .
لقد أصْغَيْتُ كثيراً لقضايا النزاع بين الزوجين في عدة دول غربية، وفي المقلب الآخر وبكل أمانة فقد تبين لي أنّ المرأةَ تشتهي من زوجها الحبَّ الصافي والوعدَ الصادقَ الذي أراها إيَّاهُ عندما تعرَّفتْ عليه في بلد المنشأ وعبر شبكة التواصل الاجتماعي، فهي فقط تطالبُه بالكلمة الحلوة التي أَسْمَعَهَا إيَّاها زمنَ الوصالِ والنظرةِ الأُولى، ولم تعُدْ تسْمَعُ منه بعدَها إلاّ لغةَ الشتائمِ واللعائنِ ونكرانَ الجميل،تريد منه الاهتمامَ الذي عاشتْه أيامَ الخطوبةِ وشهرِ العسل، لقد مثَّلَ عليها واعتزلَ التمثيلَ في وقتٍ مُبْكِر بعدَ أنْ حَصَلَ على الجنسية والبديل عنها، لذا لا نلوم المجروحَ والمغدورَ
فالفتاةُ المغترِبةَ لها لغتُها وبيئتُها وحيثيتُها واستثناءاتُها، وعلى الشباب تفهُّمَ الواقعِ الاغترابي للمرأة حتى يَنجحَ في العلاقة على المدى القريب والبعيد، لكِنْ عَمَى الهِجرةِ طَمَسَ على بصرِه وبصيرتِه، فهو رَضِيَ بها زوجةً رغم عِلَلِها أو ظهور بعض العوارض والسَّقَطات منها، فقد غضَّ الطرفَ عن آفاتها، فاللحظة التي نظر إليها اعتبرها وسيلةَ نقلٍ خارجي لبلوغ مَرامِهِ بنية الخروج من بلده، وبعدَ الوصول والحصول على ما يريد ظَهَرَتْ عليه حالاتُ التمرُّدِ وقلةِ الوفاء. فهو لم يكن حينها يبحث عن زوجةٍ لتكوين أسرةٍ ومستقبلٍ،فيما عيناه ترقب بحثاً عن الوطن البديل، ويراها كبقرةٍ حلوب، وبعد أنْ يجفَّ ضرعهُا يَعقرها معنوياً، كوسيلةٍ وحيدةٍ للهروب من ظلم دولتِهِ وبيئتِهِ إلى عالمٍ أكثرَ عدالةً ورفاهيةً وإنسانيةً .
فهذا الموضوع باتَ يُقلق بالَ الأهلِ في الوطن والاغتراب وطبعاً دائرة الهجرة في الغرب. ونصيحتي للشباب بأنَّ المرأة في بلاد الغربية ليست طيارةً ولا سيارةً ولا قطاراً أو عابرَ سبيل في حياتكم، نتركها حينها نصل لمبتغانا، والزواج بنية الطلاق أشبه بالزنى، الذي قال عنه الرسول محمد عليه السلام لأحد السائلين: أترضاه لأمك، أترضاهُ لأختك، قال : لا، فقال له النبي عليه السلام: وكذلك الناسُ لا يرضونَه لبناتِهم .
المصدر: الوسط اللبنانية ووكالات
|